سعد الدوسري
من أكبر مساوئ مواقع التواصل الاجتماعي، أنها تعزِّز تضخيم الذات، خاصة لدى أولئك الذين لا يقدّرون عواقب ما ينشرونه من تدوينات، أو ما يبثونه من مقاطع. ولقد شاع مصطلح «الهياط» كتعريف لسلوك مَنْ يتباهى بنفسه، من خلال قولٍ أو عملٍ ليس بحجمه! وصارت هذه المفردة من أكثر المفردات استخداماً في الإعلام الجديد، نظراً لازدياد حجم هذا السلوك.
إن من الغريب جداً، أن يتجاوز «الهياط» شريحة الشباب المفعم بالطاقة والعنفوان والطيش والاعتداد بالنفس، ليشمل كل الشرائح الاجتماعية، وكأن ثمة شعوراً عاماً لدى كل الناس، بأن مواقع التواصل لا يستقيم حالها، إلا بمشاركات ذات طبيعة «مهايطية»، أو كأن المتابعين لا يلتفون للمشاركات، إن لم تتضمن «هياطاً» معتبراً. أي أن هذا السلوك صار مطلباً أساسياً، وبدونه لا تتحقق المتابعة.
قبل أيام، ظهر علينا طبيب من مدينة الملك سعود الطبية بالرياض، لينقل لنا، عبر رسالة صوتية، خبر انتشار الكورونا بين أطباء وممرضات المدينة، وفي أقسام طوارئ عدد من مستشفيات الرياض. ولقد انتشرت الرسالة، انتشار النار في الهشيم. بعد ذلك، بثّتْ وزارة الصحة بياناً عاجلاً، توضح فيه عدم دقة ما ورد في الرسالة. ولرغبتي في الحصول على معلومات أكثر دقة، اتصلت بالزميل خالد العوفي، مدير العلاقات العامة والإعلام بالمدينة، وسألته عن «مصداقية البيان»، فأفادني أن الطبيب أرسل الرسالة الصوتية لمجموعته المحدودة جداً، وقام أحد الأعضاء بإرسالها لمجموعة أخرى، وخلال دقائق، انتشرتْ بين الناس!!
أنا أثق بأن الطبيب كان حريصاً على المصلحة العامة، وأن نواياه حسنة، ولكن ما يُسمى بـ«الهياط» الاجتماعي، والمسيطر على مواقع التواصل، جعل الرسالة تتخذ مساراً آخر!