يوسف المحيميد
قدر العرب الجميل أن آخر المرسلين منهم، صلى الله عليه وسلم، وآخر الكتب السماوية جاء بلغتهم، بلسان عربي مبين، وقدرهم السيئ أن وضعهم بين قوميات تترصد ضعفهم كي تنقض عليهم، من فرس وعجم وترك وغيرهم، وخاصة أنهم أصبحوا مجرد دويلات صغيرة، تحولت في بعض العصور إلى دمى بأيدي هذه القوميات التي تستغل ما تسميه فراغًا سياسيًّا، للعبث فيها كما تشاء.
في بداية الثورة السورية، أذكر أن قناة الجزيرة استضافت إيرانيًا، أعتقد أنه في البرلمان، قال بما معناه، أن من حق إيران، كقوة إقليمية، مثلها مثل تركيا والسعودية، أن تستغل أي فراغ سياسي في أي دولة عربية، مع أنهم هم من يصنع الفوضى ويطلقون يد الإرهاب في دولنا، خاصة وهم يتفقون مع إسرائيل في تسمية «الشرق الأوسط» ويسمون لبنان والعراق وسوريا دولاً شرق أوسطية، ولا يسمونها دولاً عربية، في محاولة واضحة لطمس ملامح العالم العربي، وتفتيته أكثر مما هو مفتت ومتشرد وضائع!
تذكرت كل ذلك، حينما تنافست إيران وتركيا على قطر، الدولة الصغيرة في خاصرة الجزيرة العربية، بمجرد إعلان قطع العلاقات معها، فإيران تتطلع لدور أكبر داخل قطر، وتركيا بطموحها العثماني القديم تطلق قاعدتها في قطر، وتدِّعي بأنها ليست موجهة لأحد، تفعل كل ذلك وهي التي تعاني من حزب العمال الكردستاني، ووضعها الداخلي الذي يعاني من الاضطراب، ومع ذلك تفاجأنا بتحريضها قطر على رفض قائمة الطلبات الخليجية، قبل أن ترد قطر بشكل رسمي، فمن الحمق أن تسرّب قطر للصحافة مشاورات دبلوماسية رسمية تخص البيت الخليجي، وتترك أردوغان يرد بالنيابة عنها، مما يقوّض الجهود التي قام بها أمير الكويت، بل وينسف أي فرصة أخيرة متاحة للحكومة القطرية، لتلبية مطالب أشقائها، والعودة إلى الحق والمنطق، بدلاً من الإمعان في الخطأ.
ورغم محاولات قطر في تدويل قضيتها، ورغم تدخل هؤلاء المتربصين واستغلالهم لظروفها، كانت إجابة الرئيس الأمريكي واضحة ومحددة، بأن هذا شأن الأشقاء الخليجيين، ويمكن حله فيما بينهم، ولو فعلت قطر ذلك بكل بساطة، بأن أوقفت - بكل حزم - يد العبث الخارجية، واتجهت مباشرة إلى جاراتها الثلاث، لربما استطاعت أن تتجاوز هذه الأزمة سريعًا، قبل أن تستفحل وتكبر، ويتعقد حلها، كما يظهر الآن في الأفق السياسي البعيد!