خالد بن حمد المالك
يكفي أن تقول المملكة ليعرف العالم أن المقصود بذلك هي المملكة العربية السعودية، فهذه البلاد إلى جانب مكانتها الروحية بوجود الحرمين الشريفين، ومن أنها قبلة أكثر من مليار مسلم يتوجهون نحو مكة المكرمة خمس مرات في اليوم لأداء صلواتهم، فهي قوة اقتصادية كبيرة، وهي قوة ضاربة أمنياً، وهي أيضاً مرجعية سياسية عالمية لا غنى عنها، ولا بديل لها في دولة أخرى.
* *
المملكة، بتاريخها، بعبق تراثها، بقرارها المستقل، وبحزمها وعزمها وأملها تشكِّل واحدةً من أهم دول العالم، اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، وهي لاعبٌ كبير في استقرار العالم، وفي محاربة الإرهاب، والدفاع عن القيم والأخلاق، ومناصرة الضعفاء والمظلومين، وكل من هو على حق، لا تخاف في مواقفها إلا من الله سبحانه وتعالى.
* *
المملكة بحضورها الدولي والإسلامي والعربي والخليجي المؤثر، لم يكن ذات يوم حضوراً شكلياً، أو أنه تكملة للعدد المطلوب من الدول كي يكون نصاب اجتماعها قانونياً، وإنما هو حضور فاعل، ومؤثر، بصوتها المدوي، ورأيها المقدَّر، ومكانتها المعتبرة، فهي دولة ذات وزن عالمي، وهي مملكة لها ذات الوزن والقيمة والحساب الذي تتمتع به الدول العظمى.
* *
المملكة لا غيرها هي صوت المسلمين، هي لسان حال العرب، وهي ممثل الشرفاء ودعاة السلام في العالم، فلا تقبل أن يكون اصطفافها في المواقف إلا مع من يحب السلام، ويدافع عن استقرار العالم، وكذا مع من يحارب الإرهاب، وكل مواقفها تشهد لها بذلك، وسياساتها تتحدث عن تاريخها في مساندة كل موقف يعبِّر بصدق عن هذه الصورة الجميلة التي تؤطرها الدبلوماسية السعودية.
* *
المملكة اليوم غيرها بالأمس، فقد حوَّلها الملك سلمان بمساعدة الأمير محمد بن سلمان إلى ورشة عمل، تكاد مشاهدها لا تتحدث إلا عن إنجازات محلية ارتبطت تعاونياً مع دول العالم، صناعياً واستثمارياً، وسرعة في كسب الوقت لتحقيق المزيد من التطور والنمو، وذلك استكمالاً لما قامت به العهود السابقة، وفق ما هو مشاهد ميدانياً، وعلى الأرض الطيبة في جميع مناطق ومدن المملكة.
* *
ولا يكاد يمر أسبوع إلا وهناك رئيس دولة يزور المملكة، يجتمع بملكها وولي عهده، ويبحث معهما أوجه التعاون، وفرص الاستثمار، والتنسيق أمنياً مع هؤلاء الزائرين الكثر لبلادنا، بما لا يوجد مثيل لهذا العدد الكبير والمهم من قادة العالم يزور أي دولة في العالم كما هو حرصهم على زيارة المملكة، بهدف الاستفادة من هذه البيئة المناسبة لمد يد التعاون، وتوسيع رقعة التنسيق مع المملكة.
* *
يحدث هذا لأن المملكة ملهمة للدول والشركات في الاستثمار بها، حيث التزام المملكة بما يتم التوقيع عليه من اتفاقيات، وحيث الاستقرار والأمن فيها، بما شجع هؤلاء على التعاون مع المملكة ذات القوة الاقتصادية التي تتمتع بعضوية مجموعة العشرين، باحتياطياتها وإنتاجها وتصديرها للنفط إلى دول العالم لتلبية احتياجاتها، وهو ما لا تستطيع دول أخرى أن تغطي حصة المملكة الكبيرة من الإنتاج والتصدير فيما لو خفضت إنتاجها وبالتالي تصديره إلى دول العالم.
* *
ولعل رؤية المملكة 2030 التي يقودها ولي العهد بإشراف ومتابعة الملك هي التي أسهمت كثيراً في جذب قادة دول العالم والشركات العالمية للاقتراب أكثر من المملكة، وتوسيع رقعة التعاون معها، حيث البيئة المستقرة، والعلاقات الدولية المتميزة لها مع دول العالم، وبسبب أن السوق السعودية لا تزال سوقاً واعدة لكثير من المشروعات الصناعية والاقتصادية المستهدَفة، ما شجع كل الأطراف على العمل سوياً وبجدية مع المملكة لتحقيق أهداف الرؤية، بما سوف ينعكس لاحقاً على مصلحة المملكة وكل الأطراف المتعاونة معها.
* *
كل هذا يحدث، ويسير بهذه الوتيرة المتسارعة، بينما تخوض قواتنا المسلحة معارك ضارية للدفاع عن حدودنا الجنوبية، ودعم الاستقرار في اليمن الشقيق، وكل هذا يتم بينما تستمر الآلة الأمنية في الداخل للوصول إلى أوكار الإرهابيين، وكل هذا يتم بينما هناك قرار حازم ضد السلوك الإرهابي القطري الذي آذانا كثيراً، بل وكل هذا يتم والمملكة لم تتخل عن مسؤولياتها التي اقتضتها المصلحة الوطنية والعربية في مواقفها من سوريا وإيران والأحزاب العربية المتَّهمة بالإرهاب والتآمر على المملكة.
* *
الطريق طويل، والمشوار ليس قصيراً، وأمامنا مرحلة قادمة مهمة حتى نتجاوز كل الأخطار، وبناء ما يعزز مكانة المملكة وقدراتها، ويحقق أهدافها الكثيرة، وهذا هو ما يعمل عليه سلمان ومحمد، وينفذه أبناء المملكة من مدنيين وعسكريين الذين وُضعت الثقة فيهم لتحَمُّل هذه المسؤولية التاريخية التي تمر بها بلادنا.