حمد بن عبدالله القاضي
هناك فئة من النساء يقع عليهن ظلم كبير وهن صامتات لا يستطعن أن يشكين أو يرفعن أصواتهن.
تلكم هن «الزوجات المهجورات» فهؤلاء شأنهن ليس ظاهراً للناس كالمطلقات أو المعلقات فهنّ ببيوتهن مع أزواجهن ومتوفر لهن وجود المقومات الحياتية المادية، لكنهن «كمّ مهمل».. يعانين من فقر المشاعر، ولفتات الاهتمام من قبل أزواجهن، وليس هذا مقتصرا على الأزواج المعددين الذين قد يميل أحدهم لواحدة ويهمل الأخرى، لكن هذا يتم حتى في بيوت غير المعددين.
والمرأة «الزوجة» إنسان لها مشاعر، تفرح وتتألم وتحتاج إلى الاهتمام وإشعارها بقيمتها وإنسانيتها والحديث معها، وأخذ رأيها وإدخال السرور عليها من أقرب الناس لها لكن بعض الأزواج جعل البيت فندقا يأكل فيه ويشرب وينام وينفق عليه وبقية وقته إما يخرج لأصحابه أو يقضيه في البيت مع «جهازه الذكي» وقد فاقم هذه المشكلة وزاد من أعداد المهجورات.
إن الزوجة وهذا حقها تريد من يحس بها ويتفاعل مع مشاعرها ومن أقرب الناس إليها شريك حياتها وليس شريك بيتها فقط، لكنه أهملها وجعلها تعيش ألما داخليا يحرقها ولا تستطيع أن تبوح به، حتى لو شكَتْ فقد يرد عليها من تشتكي إليه: أما أو أبا أو أخا بـ: ما قصَّر عليك وهذاك بخير أنت والأولاد: بيت ونفقة وسيارة إلخ.
بل حتى لو طلبت الطلاق - عندما لا تستطيع علاج المشكلة مع زوجها، فأهلها أو حتى المحاكم ليس أمامهم أمر واضح أو مشكلة بارزة ما دام ينفق على البيت والأولاد ولم يعتد عليها أو يسيء لها ظاهريا ولم يدرك البعض أن إيذاء المشاعر غير منظور وقد يكون أقسى من ألم الجوارح.
إنه ألم صامت في قلب المرأة.
فكيف يتسببون في أذى وألم من جعل الله بينهم وبينهن ميثاقاً غليظاً.
أنا هنا أطرح المشكلة وليس بيدي حل إلاَّ مخاطبة ذمم وضمائر هؤلاء الأزواج بأن يخافوا الله فيهن وأن يراجعوا أنفسهم ويستشعروا الألم الذي يجثم على شريكات حياتهم بسبب الإهمال فهم يجمعهم بيت واحد لكن قلوبهم شتى.
***
=2=
الذكرى وقارورة العطر
بعض الناس تزاملهم بعمل أو ترافقهم بسفر أو تتواصل معهم ثم تباعد بينكم الحياة لكن يبقى طيب ذكراهم كالعطر تذهب قارورته وتبقى رائحته.