د. فوزية البكر
مع تنصيب الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد تدخل السعودية حكومةً وشعباً عهداً جديداً يوحي بالشباب والانطلاق. طالما كان السؤال الأول الذي تبادرني به الصحافة الأجنبية التالي: مالذي سيحدث للعائلة؟ وكيف سيكون الانتقال بين الأجيال؟ وهذه بلادنا تثبت للقاصي والداني وبهذا التحول العاقل (المغرق في هدوئه) أن الأمور ستكون دائماً بخير.
عاشت المملكة عهود استقرار كبيرة بقيادات متميزة منذ عهد المؤسس -رحمه الله- وأمدنا الله بالنفط الذي مكننا من إرساء القواعد لبنية تحتية متينة، ومن تعميم الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والطرق.. إلخ.
وكان السؤال الذي يستولي على أذهان مراكز البحوث والمحليين هو: كيف سيكون انتقال السلطة للجيل الثالث في العائلة السعودية، وبما لا يؤثر على اقتصاد العالم في دولة تسيطر على ثلث المخزون العالمي من النفط؟
اليوم، وبحمد من الله تمت الأمور على ما اتفقت عليه العائلة وبسلاسة (قد يحسدنا البعض عليها بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور في كثير من البلدان العربية)، وعشنا عيدين في عيد: عيد الانتقال السلس وعيد الفطر المبارك أعاده الله علينا جميعا باليمن والاستقرار.
نودع فارسنا المغوار: رجل المهمات الصعبة: محمد بن نايف الذي كان عليه أن يدير الأمور (بسلاسة وهدوء يحسد عليها أيضاً) في وقت اشتعلت فيه مغاور التطرف والإرهاب في معظم شرقنا السعيد، وفي وقت واجهت السعودية حكومةً وشعباً نعرة (إسلاما فوبية) حاصرتها (ولا تزال) من كافة أنحاء العالم واحتاجت إلى معالجات دقيقة وحاسمة تمكن فيها وزيرنا المخضرم من اجتياز الصعاب الجسام ليسلم الدفة كخير خلف لخير سلف.
اليوم، نستقبل أميرنا الشاب ولي العهد محمد بن سلمان تعاضده ثلة من الكفاءات الشابة التي تؤكد التوجه الحتمي للحكومة نحو دولة سعودية جديدة وشابة تعتمد على سواعد أبنائها أكثر من اعتمادها على النفط الذي ستتناقص أهميته تدريجيا كمصدر دخل بحكم التوجه العالمي إلى مصادر طاقة بديلة ونظيفة؛ إذ من المؤكد مثلاً أن السيارات الكهربائية ستكون قيد الاستعمال (الاقتصادي) بحلول عام2020 كما أشارت إلى ذلك الكثير من الدراسات.
ومنذ بزوغ نجم الأمير الشاب منذ سنتين وهو يقود تغييرات جذرية تمس اقتصاد البلاد وطبيعة العادات الاستهلاكية لمواطنيه مع برامج ضخمة لبناء قيم الانتاجية والاعتماد على النفس وتجويد استخدام الموارد غير النفطية والنظر بجدية إلى احتياجات جيله من الشباب والشابات الذين يتمتعون بالانفتاح على هويات متعددة في حضارة اليوم، تلك الهوية التي تجمع ما بين الإسلامية والسعودية والعالمية، وهم محتاجون إلى وظائف في مجتمع متحرك تبلغ نسبة الشباب فيه70% كما أشار إلى ذلك سموه في حديثه مع صحيفة الواشنطن بوست في أبريل الماضي حين أكد عزم البلاد على تطوير المجتمع وتطوير الأفراد والأسر مع المحافظة على تقاليدنا وعاداتنا لكننا لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد 1979 وأكد أن لا وقت لدينا لأن نضيع حياتنا وأيامنا القادمة في دوامة استمرت30 سنة، بل هو أكد على أهمية السعادة، وأننا بإذن الله سوف نستمتع بأيامنا القادمة إذا ما كانا قادرين على إقناع أمتنا الشابة بركوب عربة الإصلاح وهو ما يبدو واضحا في التأييد الشعبي الكبيرالذي تحظى به إصلاحات الحاكم الشاب ثم أكدتها ولاية العهد.
تبقى ملفات كثيرة أغلبها قديم ونحتاج أن نغلق صفحته إلى الأبد حتى نتفرغ لما هو أهم كملف رفع الولاية الكاملة عن المرأة وملف قيادة السيارة وملفات مشوشة لبعض نشطاء الرأي الذين استغلت الصحافة الأجنبية وكثير من المنظمات الحقوقية قضاياهم للتشويش دون وجه حق على الكثير من الإصلاحات الإيجابية التي تجري اليوم في المملكة على قدم وساق.
نحتاج أيضاً إلى الوقوف على أرض صلبة عبر إصلاحات سياسية وإدارية مستحقة والرفع بمشاركة المرأة إلى جانب رفيقها الرجل في بعض المناصب وتأكيد أهم مبادئ رؤية 2030 التي تنص على حق الجميع في تعليم ونظام صحي مجاني وحق الوظيفة لكل الشباب: أي شاب وشابة من أية خلفية اجتماعية أو عرقية أو طائفية طالما يتمتع بالكفاءات المهنية والتوجهات الشخصية اللازمة التي سيخلقها تعليم خالص من التوجهات الايدلوجية وبيئة اجتماعية مطمئنة تحترم الحريات الفردية وتدرك مسئولياتها الاجتماعية ليس بضغط سلطة خارجية بل بدافع الولاء والمحبة.
بارك الله لنا في أمتنا السعودية.