د. عبدالرحمن الشلاش
بعد قرار المملكة العربية السعودية بمقاطعة النظام القطري وقطع العلاقات الدبلوماسية معه تم إغلاق المنفذ البري الوحيد لدولة قطر كحق سيادي للسعودية، فبدت قطر وكأنها محاصرة على حد زعم القطريين بينما الواقع يؤكد أن جغرافية قطر هي من فرضت الوضع الجديد. الأمارة الصغيرة ليس لديها سوى منفذ بري واحد وإغلاقه يعني انقطاع اتصالها البري مع العالم من حولها. آلاف الشاحنات والسيارات ستتوقف تماما ما يعني أن النظام القطري سيتجه لبدائل أخرى ستكون دون شك أكثر كلفة بعشرات المرات وسيتضرر منها المواطن القطري العادي ذو الداخل المحدود والعمالة الأجنبية التي تشكل 70% من السكان.
تعنت النظام القطري المتخبط وإصراره على المضي قدما في سياساته بدعم الإرهاب واستضافة جماعة الأخوان، واحتضان الجزيرة قناة الفتنة، وتدخله في الشؤون الداخلية لبعض الدول وإثارته للقلاقل سيدفعه ثمنه باهظا إن لم يكن اليوم فسيكون في قادم الأيام. رغم أكاذيب المسؤولين القطريين على شعبهم المغلوب على أمره وتهوينهم من قرار إغلاق المنفذ البري وأن الواردات عبره لا تمثل سوى 5% إلا أن عملية الإغلاق تشكل ضربة قاصمة وقاسية للإمارة الصغيرة.
بالنظر إلى الإحصاءات الموثقة فإنه يمر عبر منفذ أبو سمرة بين 600 - 800 شاحنة يوميا محملة بالغذاء والدواء والكماليات، كما أنه يستقبل حوالي 350 ألف زائر شهريا، ويعبره مئات الأسر القطرية المتجهة للمناطق والمحافظات السعودية القريبة للتسوق والتبضع فبحسب مواطنين قطريين فإنهم يجدون في الأسواق السعودية جودة في السلع ورخص في الأسعار نتيجة الغلاء الفاحش في دولتهم.
الخسارة الفادحة للمنفذ البري الوحيد والأقل كلفة والأسهل بالنسبة للمواطنين سيضطر حكومتهم للجوء للبديلين الآخرين الجوي ثم البحري، لكنهما أعلى كلفة بكثير، وستكون مرهقة جدا للمواطنين والمقيمين على المدى القريب ربما تتضح نتائجها خلال الشهور القادمة، إضافة إلى أن النقل الجوي ستلحقه أضرار بالغة بسبب وقف كثير من الرحلات الجوية من عدد من الدول، وعدم السماح للطيران القطري بعبور المجال الجوي لأكثر من دولة، وتضرر رحلات الترانزيت من الشرق والغرب التي ستضطر للمكوث ساعات أطول ما سيجعلها تعدل مساراتها لمطارات أخرى غير مطار الدوحة، والاعتماد على النقل الجوي أو البحري سيرفع تكلفة الغذاء والدواء وجميع الواردات الأخرى وهو الأمر الذي سيضاعف الأعباء على القطريين العاديين والمقيمين وسيبدأون بالتململ والتذمر من نظام الحكم فهل يعي النظام مثل هذه العواقب التي قد تطيح به أم أنه سيستمر في عناده لمدة ربما لن تطول؟