علي الصراف
سراً وعلانية تدعم سلطة قطر تنظيم الإخوان المسلمين. ولئن لم يقتصر الدعم على المال والإعلام والتجنيد، فإنها لم تبخل على هذا التنظيم بالسلاح الغزير أيضا.
ومثلما ساهم المال القطري في إتاحة الفرصة لتنظيم الإخوان بشراء ضمائر بعض الناس لكي يفوز بالانتخابات في مصر وتونس، فقد أتاح السلاح لفروع هذا التنظيم في سوريا وليبيا أن يمارس صنوفا شتى من الجرائم ضد الأبرياء، كما ضد أطراف المعارضة الأخرى.
قطر، بكل بساطة، تقف بكل ما لديها من إمكانيات، خلف هذا التنظيم. وهو أمر لم يحض به أي تيار سياسي في العالم بأسره.
ما من دولة في العالم جندت ما تجنده قطر لدعم هذا التنظيم. الاتحاد السوفياتي السابق، بكل قضّه وقضيضه، لم يوفر دعما بهذا الحجم لأي حزب شيوعي من الأحزاب التابعة له. ولم تقدم أي دولة أخرى في العالم دعما لتنظيم سياسي أو إرهابي، بما يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.
السؤال الجدير بالاعتبار هو: بالله لماذا؟ ومن أجل ماذا تدعم قطر هذا التنظيم؟
لو قدم الاتحاد السوفياتي السابق دعما لواحد من الأحزاب التابعة له، لكان الأمر مفهوما. فهذه دولة عظمى وكان لديها مشروع اشتراكي دولي وتريد أن تواجه به الرأسمالية العالمية.
ولو قدمت الولايات المتحدة دعما لحركات مختلفة، سياسية أو عسكرية، فلأنها كانت تضعها في إطار الصراع الدولي مع ذاك الاتحاد السوفياتي، في صراع لفرض النفوذ على مناطق ولكسب مصالح حيوية هنا أو هناك.
ولو قدمت الدول العربية دعما لمنظمة التحرير الفلسطينية، بل وخاضت حروبا ونزاعات، فمن أجل قضية قومية مقدسة تأتلف حولها قلوب مئات الملايين من العرب والمسلمين.
ولكن، من أجل ماذا تدعم قطر تنظيم الإخوان المسلمين، وهو لا يشكل فلسفة دولية، ولا مصلحة وطنية، ولا قضية قومية، ولا حتى مشروعا إسلاميًا متوافقًا عليه؟
بل ومن أجل ماذا تغامر حتى بعلاقات الأخوة مع أقرب الأشقاء إليها، لكي توفر الحماية له، وتغدق عليه؟
أهي تريد أن تطبق الشريعة كما يراها هذا التنظيم؟ أم أنها تريد أن تقيم "دولة الخلافة" التي يريد أن يقيمها؟ أم أنها تريد أن تكون قاعدة لمشروع الإسلام السياسي، من أجل أن تخوض به صراعا ضد الرأسمالية العالمية أو الاشتراكية الدولية، أم لكي تفرض لنفسها مناطق نفوذ ومصالح حيوية بين "القوتين العظميين" لتكون "قوة عظمى" ثالثة؟
إذا بدا هذا الطموح مجرد هراء، حتى أنها لا تستطيع أن تدّعيه، فمن أجل ماذا إذن؟
ماذا تريد قطر من دعم تنظيم كهذا وهي تعرف أنها لا تستطيع أن تمثله، لا في المحافل الدولية ولا في المحافل العربية، ولا حتى أمام شعبها نفسه؟
ومن أجل ماذا تنفق عليه المال، وتزوده بالسلاح، وهي لا تعرف بالضرورة كيف وضد من يتم استخدام هذا المال والسلاح. وإذا قيل إنها تعرف، فالمصيبة أعظم، لأن الكثير جدا من الضحايا سوف يكون من حقهم أن يتهموها بالمسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها هذا التنظيم.
من أجل ماذا إذن؟
إذا لم تكن لدى قطر استراتيجية تتوافق مع تطلعات هذا التنظيم، وإذا كان نموذجها في الحكم لا يتوافق مع النموذج الذي يريد هذا التنظيم إرساءه، وإذا كان الأمر كله لا ينطوي على مصالح ذات طبيعة محددة، فمن أجل ماذا؟
أمن أجل الانخراط، السخيف والمجاني، مع بعض مشاريع الهستيريا التي ترسمها مراكز أبحاث من تلك التي يمكن تمويلها لتقول الشيء وعكسه؟ أم من أجل التخريب فحسب؟ أم من أجل نشر الفوضى فحسب؟ أم من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وفي دول الجوار؟ أم من أجل إشباع الرغبة بالشذوذ السياسي، وشق الصفوف، والنفاق الرخيص؟
السؤال متروك للخليفة المنتظر في الدوحة لكي يجيب عليه.