سعد بن عبدالقادر القويعي
تأكيد الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، على أن الخوارج الذين خطّطوا للجريمة الإرهابية الوشيكة، والتي كادت أن تستهدف أمن بيت الله الحرام، وزواره الآمنين، وحاولوا تنفيذها في أطهر البقاع المقدسة، قد تجاوزوا كل الحرمات، دون مراعاة لحرم آمن، ولا حرمة مسلم، - لا سيما - وقد تم تسخير هذه الشرذمة كأدوات في مخططات التضليل، والتطرف، والعنف، والإرهاب. وهو دليل قاطع على أن الهدف الرئيس من تلك العمليات، النيل من المصلحة الإسلامية العليا؛ من أجل مصالحهم الضيقة، والاضطلاع بأدوار تاريخية مزيفة؛ وكأنهم ينتظرون ساعة الخلاص.
إزاء هذا الخطر الماحق، فإن حجم الإرهاب الذي وصلت له هذه الجماعات الإرهابية، وبشاعة أفعالها الإجرامية لا تقبل أي تبرير، أو تفسير. ومع كل محاولات الفئة الضالة المنحرفة، فإنها لن تنجح في مساعيها الإجرامية أمام التكاتف، والتلاحم الوطني، والذي يدرك بوعي البصيرة، ونور التجربة مقاصدها الآثمة، ودموية جرائمها، وضلال دعوتها؛ درءاً لمخاطره، وأضراره الجسيمة، إذ لا يمكن هزيمة التطرف إلا بالقضاء على أيدولوجيته، واستئصاله من جذوره. وفي هذا السياق، نعتبر أن القضيةَ منهجية بالأساس، تدور حول التقاء المصالح الأرضية، واستنساخ الإرهاب الإجرامي الدموي، والذي يختزل كل أنواع الإرهاب في أقصى تعابير عنفها.
في حملة منسقة على ما يبدو لمن يستبيح الدماء بدون ذنب، فإنهم لا يتورعون عن ارتكاب الحرمات، وانتهاك المقدسات، - ولذا - لا غرابة أن يطل الإرهاب بوجهه القبيح في أطهر، وأقدس الأماكن؛ من أجل أن يشكل الوجه الآخر للاستبداد، وصناعة مشاريع الفتن المذهبية؛ ولأن الإرهاب أصبح - اليوم - أحد أبرز التحديات التي تواجه دول المنطقة، وتهدِّد أمنه القومي، وسلامة أراضيه، ووحدة شعوبه؛ مما يستوجب اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية سياسياً، وأمنياً، وقضائياً، وفكرياً؛ لمواجهة مخاطر الإرهاب، وما يفرضه من تحديات، - خصوصاً - إذا تعلَّق الأمر بحماية المقدسات، والمقدرات، وخدمة المعاني الإنسانية الراسخة، والعمل على إنقاذ البشرية من أهوال الإرهاب، وكوارثه المدمرة.
بقي القول: إن تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، وأحكامها تحرم الإرهاب بجميع صوره، وأشكاله؛ باعتباره جريمة نكراء، وظلم تأباه جميع الأديان السماوية، والفطرة الإنسانية؛ فما بالك إذا كان الهدف منه زعزعة الأمن، والأمان، ودون مراعاة حرمة الشهر الفضيل، وقدسية المسجد الحرم المكي، وأماكن العبادة الأخرى التي يستهدفها بجرائم مقيتة؛ لنشر التطرف، والإرهاب، وإشاعة الفوضى، والكراهية، وجر المنطقة إلى حروب طائفية، أو إنشاء كيانات فاشلة منقسمة .