هالة الناصر
من العادات السيئة التي أصبح يتحلى بها الكثير من الناس في عصرنا الآن بوعي وعن عمد، أو من دون وعي وعن تطفل، ولعُهم الشديد بانتهاك خصوصية الآخرين عبر تسجيلهم أو تصويرهم وإفشاء أسرارهم على شبكات التواصل الاجتماعي؛ بغض النظر عن درجة خطورتها على الآخر ألا وهو الضحية، في حين أنهم يفضلون بسط سياج السرية على حياتهم الخاصة وكتمان أسرارهم حتى لو بدت تفاصيلها عادية وتافهة كمكان تواجدهم مثلاً في مدينة ما أو مطعم ما أو أي تفصيل يوضح أي شيء عنهم.
واللافت للنظر حقاً وكجزء مهم من طقوس الاحتفالات بالعيد استخدام الهواتف النقالة لتصوير ما هبّ ودب؛ وشجارات البعض امام الملأ حول مسح ظهورهم أو ظهور عوائلهم في مقاطع التصوير؛ وهذا أدى لعزوف البعض ممن لديهم تصور مسبق عن الخروج للأماكن العامة عن المشاركة خشية الوقوع في حرج الجدال مع المتطفلين ممن يستهينون بالمسألة ومواطن ضررها المعنوي عليهم، وفي هذه الحالة يبقى السؤال معلقاً: هل الانعزال وتشديد السواتر هو الحل الأمثل أمام شبح هذا التطور التقني؟!
قد أفهم أن من حق أي إنسان تسجيل لحظاته الجميلة مع أفراد عائلته أو أصدقائه، ولكن ما لا أفهمه هو إفساد متعة الآخرين وزج الهواتف لتسجيلهم أو تصويرهم دون موافقتهم سواء ممن يعرفهم وعن عمد أو ممن ساقتهم صدف أقدارهم في طريقه مهما كان نوع الظروف.
وأظن إفراط المتطفلين في هذا الأمر الذي انتشر مؤخراً كالنار في الهشيم وكثرة الدعاوى أدى لقيام هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مشكورة مؤخراً كمعالجة قانونية- بتحذير المواطنين بالإنفوجرافيك وتذكيرهم خلال العيد بالويل للمتطفلين من المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا، واعتبار ذلك من ضمن الجرائم المعلوماتية التي يتعرض مرتكبوها لعقوبات صارمة تصل لحد السجن وغرامة مالية تصل إلى ربع مليون ريال، مما يعكس حجم وخطورة هذا النوع من الجرائم والغاية من سن ذلك القانون بهذه الصرامة أن تستوي كفتا الميزان لردع كل من تسول له نفسه ممارسة ألاعيب التطفل الإلكتروني في حياة الناس من جهة، وتعويض من وقع ضحية لها من جهة أخرى، بالإضافة إلى إعادة تأهيل مجتمع بالكامل كهدف أعمق لتفادي المزيد من الأضرارالاجتماعية تحت مظلة مبدأ سامٍ وهو من حق أي إنسان استخدام وتصوير ما يشاء ولكن حرية الفرد تنتهي عند المساس بحرية الآخرين..
وكل عيد وحريتنا بخير.