د.عبدالعزيز الجار الله
يحاول بعض المستشرقين وحتى كتاب التاريخ الحديث والمعاصر يحاولون ربط إنشاء دولتنا عام (1744م) بفترات ركود عاشتها الدولة العثمانية ودول أوروبا بسبب الحرب الطويلة والمواجهات ما بين الإمبراطورية العثمانية وروسيا القيصرية، حتى إن قيام الدولة السعودية الثالثة عام (1902م) ربطت بغياب شمس الدولة العثمانية ولم ينظروا إلى نفوذ وتوسع الاستعمار الأوروبي من مطلع القرن العشرين الذي بدأ يرسم خططه في المنطقة العربية بالاحتلال وتقسيم الإرث العثماني على الرغم من ذلك أعان الله العلي القدير الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله في تأسيس دولتنا الحديثة على مساحة تقارب مليوني كم مربع في أصعب الظروف السياسية العالمية زمن الإمبراطوريات الكبرى، وزمن التقسيم الذي تعرضت له الدول العربية - سايكس بيكو - عام (1916م) وانفضح أمر الدول الثلاث روسيا وبريطانيا وفرنسا.
من عام 1744م وحتى الآن 2017م وأيضًا قبل ذلك التاريخ عندما كان الإمام محمد بن سعود يبحث في إمارته الصغيرة عن مساحات لتأسيس دولته وسط الجزيرة العربية وفي قلب هضبة نجد الواقعة بين مرتفعات غربية شاهقة الجبال تمتد بطول الجزيرة العربية من جنوب جازان في الركن الجنوبي الغربي من السعودية، وحتى شمال تبوك شمال غربي السعودية، وبين أقواس وبحر الرمال من الشرق، والمخاطر تحاصر إمارته الواقعة في السفوح الشرقية لمرتفعات جبل وعارض طويق الذي شكل الفاصل الطبيعي ممتدًا من الزلفي شمالاً وحتى وسط الأطراف الجنوبية الغربية من الربع الخالي بطول (1200) كم، صراع وأطماع وتدخلات لا تتوقف.
هذا التحدي الجغرافي الصعب والتحدي السياسي الأصعب قبل (300) سنة وسط إمبراطوريات وقوى متصارعة روسيا والدولة العثمانية وإيران الشاه وأوروبا الاستعمارية جميعها كانت ومازالت تنظر لبلادنا بأنها بلاد الحرمين الشريفين قبلة الدول الإسلامية، و(عقدة) اتصالات القارات آسيا وإفريقيا وأوروبا في التجارة البحرية والبرية، واليوم ينظر لها الدولة النفطية الكبرى، فالأطماع تحاصرنا وهناك من يحاول أن يقلل من وزن وحجم السعودية بوصفها أنها دولة وليدة ولدت من رحم الانفصالات التي تمت للدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى عام (1917م) وهي من المغالطات التاريخية والتقليل من شأن دولتنا، وللأسف يأتي من ضيوف تستضيفهم محطة الجزيرة القطرية وتحاول أن ترسخت خلال مسيرتها منذ عام 1996م.