د. أحمد الفراج
قبل أيام، ومع انكشاف مواقف اخونج المملكة، وتخاذلهم، بعد قطع العلاقات مع قطر، كتبت تغريدة في تويتر، وهذا نصها: (تقول العرب: احذر الاخونجي مرة، واحذر «الاخونجي البنائي» ألف مليون مرة:
خطورة البنائي أن مظهره وسلوكه لا يوحي بأنه متدين: الحذر الحذر الحذر)، ورغم أن هناك من فهم التغريدة على وجهها المقصود، إلا أن البعض لم يميز بين «الاخواني» و»البنائي»، ووردتني تساؤلات كثيرة عن ماهية البنائي الذي احذر منه، ولماذا هو خطر وشر مستطير، وهذا أمر يحتاج إلى تفصيل.
اعتاد الناس في المملكة أن يطلقوا لفظ «ملتزم» على أي شخص يظهر بمظهر معين، ويستخدم مصطلحات لغوية محددة، وغالباً لا يميز عامة الناس بين السلفي الوطني، وبين الحزبي العدو، الذي يستخدم الدين لأغراض سياسية، وذلك للتشابه في المظهر، وكان هذا سبباً للشعبية التي حصل عليها وعاظ ودعاة الصحوة الحزبيون، الذين لبسوا على الناس، وخدعوهم باسم الدين، رغم أنهم في حقيقتهم حزبيون، يخدمون أجندات التنظيم الدولي للإخوان، وما يميز هؤلاء الوعاظ هو مناكفتهم للدولة، وإثارة البلبلة مع كل قرار تنموي جديد، ومهاجمة الرموز الوطنية، من مسؤولين ومثقفين، وشيطنة وسائل الإعلام الوطنية، وفي الوقت الذي يفعلون فيه كل هذا، فإنهم يوهمون عامة الناس بوجود بدائل خارجية، يمكن الثقة بها!
البدائل الخارجية، التي يسوق لها إخوان المملكة لدى عوام الناس، هي رموز تنظيم الإخوان، ووسائل إعلامه، وهنا يحدث التناقض، الذي لا يدركه الأتباع، فإذا هاجم وعاظ الصحوة عمل المرأة في المملكة، وأثاروا البلبلة، فإنهم لا يجدون حرجاً في التسويق لدولة أخرى، على أنها دولة إسلامية مثالية، رغم أن المرأة تعمل في تلك الدولة، بل وتقود السيارة، وتتسنم مناصب عليا، والعتب هنا ليس على الواعظ الحزبي، بل على من يتبعه دون وعي، والأعجب هو أن الوعاظ الحزبيين، الذين لا يجدون حسنة واحدة لدولتهم، ولا لمسؤوليها، ومثقفيها، يقاتلون بشراسة، دفاعاً عن كل مسؤول أجنبي، مهما عظمت أخطاؤه، طالما أنه ينتمي لتنظيم الإخوان، ومن الطرائف في هذا الخصوص أن أحد اخوان المملكة هاجم إعلامياً سعودياً، بحجة أنه دعا للتقارب مع إسرائيل، وبعدها بأيام، دافع هذا الاخواني عن سياسي غير سعودي زار إسرائيل، بحجة أن هذه الزيارة تمت لصالح الفلسطينيين!!، والسبب هو أن الإعلامي السعودي وطني، بينما السياسي الأجنبي ينتمي لتنظيم الإخوان، ومع كل خطايا الاخواني التقليدي، فإن الاخواني البنائي هو الخطر المحدق، والسم الزعاف، الذي ينخر في وطننا الآن، وسأتحدث عن ذلك في المقال القادم.