يوسف المحيميد
حينما كنا أطفالاً في المدارس الابتدائية كان معلم التربية الفنية في أحد أسابيع الفصل الدراسي، يطلب منا أن نرسم موضوعًا بمناسبة أسبوع الشجرة، يبدو أنه تعميم كان يصل المدارس من وزارة المعارف آنذاك، ورغم أهمية ذلك التوجيه بأهمية الشجرة، وبطريقة غير مباشرة، إلا أنه تحول مع السنوات إلى أداء روتيني، نقوم خلاله برسم بضع أشجار وتلوينها، لكننا لم نعرف قيمة الشجرة، ولم يكن مقنعًا لنا، ولا لعائلاتنا، أن نهتم بزراعة الأشجار، فقد عصفت بنا مرحلة الطفرة، وغيرت مفاهيمنا الجميلة تمامًا، حتى ظننا أن تغطية باحات بيوتنا بالبلاط أهم وأجمل من زراعتها بالشجر والنخيل!
وكم أسعدني إطلاق الحملة الوطنية للتشجير، بكل ما تحمله من معنى، ووعي عميق بأهمية التشجير وقيمتها كمسؤولية وطنية وبيئية، ليس جمالاً فحسب، رغم أهمية ذلك، وإنما لما يحققه الغطاء النباتي من أثر كبير على البيئة، فلو لم تنشر قبل أيام وزارة الزراعة والمياه والبيئة في مبادرتها تلك إلا (انفوجرافيك) يقدم معلومات مهمة عن معنى أن نضيف شجرة في محيطنا، وهي توفير ما مقداره عمل عشرة مكيفات تعمل 24 ساعة، وتمتص 750 جالون من الأمطار، وتخلص الهواء من 27.2 كجم من الملوثات، فمن يتردد في غرس شجرة بعد اليوم، فضلا عن الجرأة في قطع شجرة حية!
كثير من المدن والمحافظات شاركت في هذه الحملة، ولكن على الجهات الأخرى المشاركة في ذلك، فالأمر لا يقتصر على البلديات، وإنما على كل جهة لها مبانٍ تتبعها أن تبادر في تشجيرها، فوزارة التعليم مسؤولة عن تشجير المدارس الشاحبة، ووزارة الصحة تعتني بالمستوصفات وما يحيط بها من الخارج، ووزارة الشؤون الإسلامية تقوم بتشجير المساحات المحيطة بالمساجد والجوامع، وهكذا، بل على المواطن نفسه أن يبادر بتشجير منزله، ولو بشجرة واحدة، وحتى لو كان منزلاً صغيرًا لا يحتمل، يمكنه تشجير رصيف منزله، وكذلك في العمائر السكنية أو المكتبية على أصحابها تزيين خارجها بالأشجار.
ويجب ألا نركز في هذه الحملة على التشجير فحسب، وإنما على ثقافة أنواع الشجر المناسبة للبيئة، التي تحتاج إلى كميات قليلة من الماء، وتتحمل الحرارة العالية صيفًا، فلسنا بحاجة إلى الأشجار المستوردة التي تُنهك مخزوننا المائي، ولا تتحمل شمسنا الحارقة، ولعل الكتاب (دليل نباتات الرياض) الذي أصدرته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، يعد مرجعًا مهمًا لمعرفة النباتات المناسبة لبيئتنا الصحراوية الجافة، وأتمنى انتشاره بين المواطنين، وفي مواقع التواصل الاجتماعي.