ياسر صالح البهيجان
حققت القوات العراقية وقوات التحالف الدولي المشترك انتصارات غير مسبوقة في مدينة الموصل معقل تنظيم داعش، إلا أن الأهم حالياً هو مصير العراق بعد تحرير أحد أكبر مدنه من إحدى أشرس الجماعات المتطرفة على المستوى الدولي، فهل سيقود هذا الانتصار حكومة طهران لسحب ميليشياتها الطائفية التي زجت بها في الأراضي العراقية بحجة مقاتلة داعش؟.
الحكومة العراقية في الأشهر الماضية أبدت رغبة في أن تعود بلاد الرافدين إلى الحضن العربي، لكن تلك الرغبة باتت بحاجة لمواقف أكثر صرامة تجاه التواجد الإيراني في العراق، لأن حكومة ولاية الفقيه ستُنتج غير داعش لتبرر بقاءها في الأراضي العراقية، ولا يمكن أن تستقر العراق دون التصدي لمن أطلق المتطرفين من السجون العراقية لكي ينضموا للجماعات الإرهابية والقتال ضد الحكومة في الموصل، فضلاً عن أن الشعب العراقي ذا الأكثرية السنيّة لن يقبل باستمرار الميليشيات الطائفية كالحشد الشعبي في بلاده، وإن أرادت بغداد فعلاً مواصلة الانتصارات على الأرض ضد التطرف فإنها مطالبة بتوفير الأمن الوطني، بحيث لا ينتشر في العراق ولا يحكم قبضته الأمنية سوى أبنائها الوطنيين الحريصين على وحدته والذين لا يحملون أي أجندات خارجية.
وفق تقارير استخباراتية فإن تنظيم داعش خسر قرابة 180 من قياداته في معركة الموصل، وتقول مؤسسة «آي إتش إس ماركيت» البحثية إن التقديرات تشير إلى تراجع متوسط عائداتهم الشهرية بشدة من 81 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2015 إلى 16 مليون دولار في الربع الثاني من العام الجاري، وهذه الأرقام الإيجابية تزامنت مع اشتراطات ألزم بها المجتمع الدولي طهران ضمن تفاهمات الاتفاق النووي، حيث كانت إحدى أكبر الممويلين لداعش، وهو ما أكده أيضًا محافظ نينوى حينها أثيل النجيفي والذي أشار إلى الهروب المفاجئ من القوات العراقية التي كانت تتلقى الأوامر من إيران ما أدى إلى سقوط مواقعِ القيادة كافة، ومخازن الأسلحةِ وكذلك المطار والسجون بأيدي المتطرفين، وجميع القرائن تثبت تورط ولاية الفقيه ومسؤوليتها عن حجم الدمار الذي لحق بالعراق، ومن غير المنطقي الاستمرار في التعاون معها إن أرادت الحكومة العراقية الانتقال لعراق جديد يمتلك مقومات النهضة وتجاوز أزمات الماضي.
الحكومة الإيرانية تحمل عداء تاريخيًا للعرب عامة، وللعراق تحديدًا، هي تمارس انتقامًا غير معلن بعد أن تجرعت مرارة الإذلال في حرب الثماني سنوات، إضافة إلى رغبة الملالي في إزالة النجف بوصفها مرجعية للشيعة العرب، لتحتل قم الفارسية السيادة والتفرّد، فضلاً عن أطماعها التوسعية سعيًا لاستعادة الأمبراطورية البائدة، لذا لا يمكن أن تكون إيران جزءاً من الحل في العراق، ولا سبيل لعراق مستقل ومزدهر بعيداً عن الحاضنة العربية التي كان ولا يزال أحد أبرز أركانها.