«الجزيرة» - محمد المرزوقي:
منذ أن أسس حسن البنا جماعة الإخوان في مصر، في مارس عام 1928م برؤيته التي اختطها للجماعة بحيث تكون إسلامية (الشعار) حركية (سياسية النشاط) وفقاً لرؤية تنظيمية من شأنها تنظيم هيكلة الجماعة ومناشطها في شكل رؤى طرحها البناء واستوعبها التنظيم بالممارسة «العنقودية» التي تحولت إلى ما يشبه لوائح تنظم الجماعة أفراداً ومجموعات وقيادات، ما جعل من تنظيم الإخوان بعد انتكاسة تنظيمه وما تعرض له في مصر أيام جمال عبد الناصر، أن تستعيد ترتيب فلولها بشكل أكثر تنظيماً، وأعمق سرية، وأكثر انتشاراً خارج مصر، وأكثر عدائية للآخر، وأشمل في استغلال كلما هو إسلامي، مشكلة بذلك أجنحة قادرة على التحليق بنشاط الجماعة، وضرب أوتادها التنظيمية في أغلب الدول العربية والإسلامية، ما جعل نتيجة لذلك الانتشار الواسع الممنهج أن يتفرع من جماعة الإخوان المسلمين العديد من الجماعات التي كان من أوائلها تفرعاً جماعة الهجرة والتكفير، ثم الجماعة السرورية وغيرهما، نتيجة لتشعب وتشجّر التنظيم وظهور أسماء قيادية فيه جاء استقلالها في جماعات أخرى نتيجة لعدد من العوامل التي جاء في مقدمتها حب التسلّط تحت مبررات المنهج المتقاطعة مع فكر الإخوان والمتضاربة معه أيضاً، إلى جانب ظهور منظرين آخرين لم يجدوا لهم ما يطمحون إليه في الرتب القيادية في التنظيم أمثال شكري مصطفى وسيد قطب ومن بعده أخيه محمد قطب، وعلي إسماعيل وعلي عشماوي وأيمن الظواهري وغيرهم ممن انشقوا إلى تنظيمات فجماعات أخرى اتخذت من الغلو والتطرف والتكفير والبيعة أبرز أدواتها التي أرتأت بها منهج منطلقه التجديد وغايته التشكل في تنظيم حركي مختلف مهما تقاطع نسيجه مع البعاءة الإخوانية.
كما أن أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، ستظل شهوداً على أهدافهم «المعلنة» وعلى منهجهم «الخفي» وشهوداً - أيضاً - على ما تفرع منهم من فلول تنظيمية تشكلت هي الأخرى في جماعات تنهل من الفكر نفسه، تشكله بقوالبها الخاصة وفقاً لأساليب خارجية الفكر، ذات أديولوجيات ممنهجة تخدم في حدود إطار الجماعة، ما جعل من أدبيات جماعة الإخوان ومن شاكلهم من الخوارج تتجسد في الكثير من مؤلفاتهم التي ما تزال أدلة على إدانات منهجهم ومقررة لفكرهم التكفيري وتنظيماتهم المتناحرة فيما بينها تكفيراً وإقصاء، ومعلنة عن الغايات «السياسية» التي يلتقون فيها رغم ما ألف بعضهم في حرب بعض من كتب ورسائل وما وجهه إليه من فتاوى الاتهامات والخيانات لتتحول مؤلفاتهم إلى ما يشبه «العملة الممهورة باسم الجماعة»، ما جعل من العديد من أدبياتهم تحظى بشهرة كبيرة داخل الجماعة الواحدة أو بين الجماعات المختلفة في شكل «نقائض» قدح وتفسيق وتكفير في شكل صراع تنظيمات تتقاذف التهم وتتنازع راية النفوذ، خاصة تلك الكتب التي ألفها منظرو الجماعات وقياديوها، التي عادة ما كانت بمنزلة المنهج، والأخرى التي تحمل بين طياتها أقصى ما تكون العدائية للآخر أياً كان، وأسفه العبارات التي تصف العالم جملة وتفصيلاً بالجاهلية والضلال والكفر.
لقد استخدم تنظيم الإخوان المسلمين منذ أن استعاد فلول أجندته الكثير من الأدوات والوسائل التي تمكن من خلالها أن يبني تنظيماً حركياً يعتبر اليوم من أشد التنظيمات الحركية الإرهابية التي تضاهي المأسونية، كما نجح في الانتشار في أغلب البلدان العربية والإسلامية، وأن يفرض تأثيره اليوم في قطر الشقيقة التي احتضنت زعيم جماعة الإخوان يوسف القرضاوي، وأن تكون قاعدة إخوانية لتنظيمه الإرهابي، نتيجة لسنوات من العمل المعلن والخفي الممنهج الذي جعل من جماعة الإخوان المسلمين أشبه ما تكون بجبل الجليد، حيث استخدم التنظيم الكثير من الأدوات والوسائل والأساليب التي جاء منها:
1- التعليم، بمختلف مراحله.
2- المنابر، وخاصة المنابر الدينية.
3- تأليف الكتب التي تدعم فكر التنظيم، وتكفر بقية التنظيمات.
4- الرسائل العلمية والنشرات.
5- الصحف والمجلات، وكان القياديون والمنظرون للجماعة هم غالباً من يترأس تحريرها.
6- أشرطة «الكاسيت» التي كان لها أثرها إلى جانب الكتاب قبل انتشار البث الفضائي وشيوع شبكة الإنترنت.
7- المحاضرات والندوات والمؤتمرات.
8- استغلال الحركة الكشفية بما فيها «جوالة» الجامعات.
9 إقامة مناشط ومخيمات تحت مسميات وشعارات توعوية براقة العناوين دينياً مؤدلجة المضامين فكرياً.
10- الرحلات، وتعد أهم المناشط «السرية».
11- إيجاد مقرات سرية للجماعة.
12- استخدام النصوص (الشرعية) بما يخدم التنظيم، بدء بالانتقاء، وانتهاء بالتأويل والتفسير الممنهج لخدمة فكر جماعة الإخوان.
13- التقسيم (العنقودي) الذي يتم من خلال مشرفي المجموعات، والالتقاء بهم خارج مقر الجماعة، مستخدمين تغيير المواقع بشكل دائم.
14- التنفّذ في مواقع القرار (المؤسسي).
15- الاهتمام بأجندة (الكم) الذين يظلون في إطار الجماعة ليتم أدلجتهم والانتقاء منهم حسب ما يراه مشرفو وقادة الجماعة.
16- تقسيم الأوطان الكبيرة إلى قطاعات ذات هيكلة إشرافية تبدأ بزعيم الجماعة الذي يشغله حالياً الإرهابي يوسف، يليه مرجع الجماعة في الدولة، ثم تتوالى سلسلة التنظيم، القيادية ولجانه الهيكلية، ومجالسه الفرعية كمجالس أمناء التنظيم في شكل هرمي.
17- استخدام (التكفير) للإقصاء وتصفية المعارك مع الأفراد، والجماعات الأخرى، والأنظمة السياسية دون استثناء، وخاصة (الملكيات).
18- إيجاد الخصومة (الدائمة) مع التنظيمات والأنظمة الحاكمة.
19- افتعال الخصومات (الافتراضية) بعد ظهور الإنترنت.
20- السرية، التي تعد ضماناً للعضوية والتدرج القيادي.
21- الطاعة (العمياء).
22- البرامج الإذاعية والتلفزيونية، التي نمت إلى قنوات.
23- المواقع الشبكية على الإنترنت.
24- الأسماء المستعارة، خاصة للمؤلفين، حتى لا ينكشف أمرهم، ولتجاوز الرقابة أياً كان مصدرها كعبدالله الغريب، وصادق أمين، وغيرهما من الأسماء المستعارة لحركيين إخوانيين ألفوا كتباً للتنظيم.
25- فرض الرسوم المالية على أعضاء الجماعة، التي قد تصل إلى 10% من دخل العضو.
26- استدراج التجّار عامة والأثرياء خاصة لضمهم إلى التنظيم، ليكونوا ممولين من الدرجة الأولى.
27- الكنى التي تقوم مقام الأسماء في شكل (كود) يعرفه أعضاء التنظيم، وخاصة الفاعلين فيه وفي مقدمتهم القياديون ومشرفو المجموعات، ومناشط التنظيم.
28- التشفير، وذلك من خلال ما يتبادلونه من رسائل عبر وسائل اتصالاتهم المختلفة التي لا يعرف فك رموزها سوى القياديين في جماعة التنظيم، والذين سينفذون عمليات إرهابية.
29- توغل التنظيم في المؤسسات (الخيرية) وتحويلها إلى مؤسسات إخوانية، استطاع أجندة التنظيم أن يحولوا تلك المؤسسات إلى أذرع إخوانية وكيانات إرهابية.
30- إدعاء الكرامات.
31- استخدام أسلوب الضغط «الجماعي» على أعضاء التنظيم الذين يقصّرون في دفع (الضريبة) المالية للجماعة، أو الذين يشعرون تجاههم بالانسلاخ عن جسد التنظيم، حيث يتم التدرج في الضغط الجماعي التي يأتي في مقدمتها أنواع طرق الإكراه، ثم التصفية من خلال الاغتيالات.
32- المناداة بالخلافة على الطريقة الإخوانية.
33- متطلبات «المنهج» التي يجب التثبت من تشبع أتباع التنظيم بها، وفي مقدمتها الكتب والفتاوى التي يقرها التنظيم، مثل كتاب (الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية) الذي ألف باسم مستعار بمسمى: صادق أمين.
34- التآمر، تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة.
35- العالمية، وهي الغاية التي تبرر كل وسائل التآمر والإجرام والإرهاب التي يقوم بها تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، إذ إن غايتهم أن يصلوا إلى حلمهم المزعوم، الذي يتمثل في خلافة عالمية تحكم العالم قاطبة دون استثناء.
36-استدراج الأنظمة السياسية (الهشة) والنفوذ إلى مفاصل القرار فيها بمختلف وسائل التنظيم، وهو النفوذ الذي تمكنت جماعة الإخوان المسلمين منه في قطر الشقيقة، حيث هيأ لهم النظام القطري الحضن الدافئ، ليصبح زعيم الإرهاب القرضاوي مفتي النظام، إلى جانب ما وجده تنظيم الإخوان في قطر من دعم وحماية وتمكين، ليكون أحد (رؤوس حربات الإرهاب) التي تطعن بها الشقيقة الصغرى إخوانها الكبار في دول مجلس التعاون وفي مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي، بعد أن وجد فيهم أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ضالته (التآمرية) لما يمتلكه «أسطول» الإخوان من أجندة منظمة، وترسانة شبكية فاعلة التأثير والتكفير والتفجير، وعلى الرغم من أن العديد من الأزمات العربية والإسلامية كشفت عن هذا التنظيم ومدى تغلغله في العديد من الدول العربية والإسلامية، إلا أن الأكثر غرابة أولئك الذين أخذوا ينظروا لرسم معالم جديدة لطريق جماعة الإخوان، فيما كان الأشد غرابة أن يظل مع كل هذا أن يطلق عليهم آخرون بأنهم مجرد تيار ضمن التيارات الدينية زاعماً بأنهم ليسوا بجماعة ولا تنظيماً!.