محمد بن عبدالله آل شملان
مرّة تلو مرة، ويوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وعاماً بعد عام، ورئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك -حفظه الله- يقدم نفسه أنموذجاً بصفته الصحفية، كواحدٍ من أربابها وأفذاذها، ينقِّب عن الجديد ويستحثّ ذهنه على الابتكار للموضوع الذي يتطرّقه أو -في الأقل- إعادة صقله وصهره ومن ثم قولبته لإخراجه - إلى حيز الوجود - بصورة جديدة.. كل الجدّة.. إلى جانب تمتّعه بأسلوب الخطف المبهر الذي لا يتأتّى لصاحبه إلا بعد معاناة حبيسة في «حمل» فكرة الموضوع في داخله والإمعان في تقليبها على كافة الأوجه وهي مشبوكة في سفود موضوعه فوق جمرات الخلق حتى إذا نضجت طاب للقلم إنزالها على الورق سائغة المذاق سهلة الهضم سريعة التمثل عند المتلقي بدون تزويق أو ترطيب، وهذا ما يتميز به أستاذنا «المالك» في طريقة تناوله للمواضيع، وفي أسلوب طرحه لها على القرّاء، دون نسيان الإشارة إلى كونه له تجربة ثرّة في مجال التحرير الصحفي، وفي مجريات المعالجة لشؤون العمل والتطوير لآلياته وطرائق مواكبته للمستجدات. فكيف يكون كاتباً له هذه الصفات بحاجة إلى تقديم للموضوع الأصل؟
خلف الأزمة الخليجية وأسلوب «التعالي» ومسالك الشطحات والتقلّبات السياسية لقطر، لا يمكن تجاهل من يعمل ويوعِّي وينوِّر. فصورة الأستاذ خالد المالك تألَّقت؛ تكريساً للنور، ممتدّة لتغيير السلوك الإنساني نحو الأفضل في صور أخرى مختلفة. الصُحفي هو المعزِّز للتعاون بين القيادات الحكومية. وهو الذي يُقرِّب الرؤى ويقدّم الحلول والاقتراحات لأصحاب القرار.
«رئيس رؤساء التحرير» و»عميد وعضيد الصحافة السعودية» كما يلقّب الأستاذ خالد المالك يحب ويعشق وطنه، ويحرص أنْ يستلهم رؤيته وفكره من رؤية المليك الراشد والواعي خادم الحرمين الشريفين - أعزه الله -، مقدماً الصورة تلو الصورة عن روح العطاء وبلد الحزم والحكمة والسلام والأمل. وهو يمثِّلُ الإعلام الذي يجب أن يكون. وإلى جانبه هناك كل قطاعات وسائل الإعلام المختلفة بمختلف منصاتها وأيقوناتها في وسائل التواصل الاجتماعي أو في البرامج الإخبارية الحوارية، رأى الجميع الدفاع عن الوطن يتوالى، والتفوق على الذات يُقلّم كل أظافر خفافيش الظلام فالمهمة في بلد كبلد الحرمين الشريفين هي مضاعفة ولا تقبل إلا بأمانة الكلمة ودقة نقل الأخبار ووجوب إيقاف المعلومات غير الصحيحة أو التعليقات المغرضة التي تهدف لإضعاف القيم العليا للوطن وأهدافه الإستراتيجية في حماية الوطن وعالمه العربي والإسلامي وإيقاف زرع الشك لدى المواطنين.
سلوك روح الأمن الذي ترغب فيه المملكة وسياستها المتوازنة التي تعتمد على التعقّل والحكمة وتاريخها البهي وسلوكها المقدّر والتزامها بمسؤوليتها في تشريع السلام والبحث عن الحق، تحدَّث عنها سعادة رئيس التحرير على منصة صحيفتنا الموقرة (الجزيرة)، مؤكداً أن المملكة تسعى في «البحث الدائم عن الأهداف الجميلة لتطبيقها على نفسها وعلى غيرها، في ظاهرة لا تجدها في غير الرياض إلا نادراً، وفي سلوك أصبح علامة فارقة في تاريخها واسمها الكبيرَيْن، وكل ما يمكن أن يعطر مواقفها التي لا تجامل ولا تهادن فيها، حيث القوة والتسامح والتعاون، ونبذ كل ما يمس شعوب العالم بسوء».
ومشيراً إلى أن المملكة هذا هو قدرُها، وأنّ جوانب عملها تؤكد منهجية القدوة في ذلك مما زرعه الآباء من القيم والأصالة والعمل الخلاَق. ومُلمِحاً إلى أنه لا يجب أن يُستكثر عليها أن تكون كذلك لأن اسمها شائع يتردّد على كل لسان، ومسارات عملها يتم تداوله على أوسع نطاق.
خالد المالك وغيره من رؤساء تحرير الصحف والكتّاب، والإعلاميين والمثقفين يعرفون جيداً قيمتهم الكبيرة عند عاهل هذا الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيّده الله -، ويلمسون وجوده قربهم وحولهم في كل لحظة وهو صديقهم.. والذي يؤكد دوماً اعتزازه بأدوارهم كما في ذلك اللقاء الذي جمعهم به والذي قال فيه: «نحن يا إخوة وأخوات يا أبناء وبنات في بلد الإسلام والمسلمين، بلدنا قبلة المسلمين، لذلك يجب أن يكون إعلامنا دائماً كما نحن سائرون على نهج الكتاب والسنة الذي قامت عليه هذه الدولة.. ولذلك أهمية أن يكون مثقفونا، وهم كذلك إن شاء الله، على خلفية كاملة بأهمية هذا البلد.. المملكة تشكل الجزء الأكبر من الجزيرة العربية.. ويجب أن نربي شبابنا أبناءنا وبناتنا أن يعرفوا ويتأكدوا ما هي أهمية بلدهم».
على امتداد أيام الأزمة التي ستنتهي مهلتها بعد غد، نشر سعادة رئيس التحرير مجموعة من المقالات تباعاً في الصفحة الأخيرة عن قطر ابتدأت من يوم الجمعة 30 شعبان 1438هـ وحتى الآن بلغ مجموعها 26 مقالة استحقّتْ أن تكون شاهدة على عصر «خالد المالك» الذي يتميز بالتشخيص والنفاذ إلى اللبّ واستنباط الوسائل الناجعة للمعالجة دون نسيان الإشارة إلى ما سيكتشفه من بصيرة حادة مكّنته من استشراف لكافة التطورات ولأيلولة كل المسارات جراء استحواذه على مفاتيح «لغة بِكْرة». ولولا تخوفي من إفساد المتعة والإطالة على القارئ هُنا لكنتُ قطفت له قطلاً يانعاً من غصونها، و»قبوة» ملمومة الأوراق ضوّاعة بشذى الإبداع من سطورها، ولكني - مع ذلك - لا أملك إلا أن أعطي القارئ حرية الانتقاء العشوائي لأي من هذه المقالات وقراءتها ولكن ليس بالترتيب، لأن القارئ من أول مقالة أو من الوسط أو من آخرها فلن يعدم أبداً من مشاهدة الفسيفساء «الخالدية» المحتفظة بجمال لونها والعابقة بأريج المعاصرة والمعايشة للأحداث المتعددة الكامنة في سراديب الحياة الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً والناضحة بهموم ملايين الخليج والوطن في الأمس.. واليوم.. والغد !.
والمقالات هي: «سؤال لسمو أمير قطر؟!»، «لماذا لا تكون قطر مخترقة كلها وليس وكالة أنبائها فقط؟!»، «قطر وما أدراك ما قطر!»، «هذا زمن الاختراق بمواصفات قطرية!»، «لكيلا تكون قطر دولة إرهابية.. وملاذاً للإرهابيين؟!»، «عفواً أمير قطر!»، «خارطة طريق لإنقاذ قطر!»، «ما لم نقله عن قطر..!!»، «قطر من الوالد إلى الابن.. ماذا يريدان؟!»، «هل الجزيرة قطر.. أم قطر هي الجزيرة؟!»، «هذا ما جنته يدا تميم في حق قطر!»، «حوار مع أمير قطر!»، «لا يا سمو الأمير !!»، «التحالف الإسرائيلي الإيراني القطري إلى أين؟!»، «قطر وإعلام الظل والرجل ذو التاريخ الأسود!»، «قالها الرئيس الأمريكي ترامب!»، «قطر بين قطع العلاقات معها وكشف الحساب بأسماء من تدعمهم من الإرهابيين!»، «افهموا يا هؤلاء موقفنا من قطر..!»، «اللعبة القطرية القذرة!»، «قطر من قطع العلاقات إلى إدانتها بالإرهاب من الرئيس»، «ماذا تريد دولة قطر..؟!»، «بركان حمد بن جاسم!»، «لماذا لا تتوسّط قطر لنفسها؟!»، «وماذا بقي بعد تطاولهم على هيئة كبار العلماء؟!»، «وفي البحرين: إرهاب قطر لا يغيب رغم نفيها ما لا يُنفى وتكذيبها ما لا يُكذب»، «وماذا بقِيَ يا قطر؟!»، «قطر مسروقة من خارطة الانتماء الخليجي والعربي!»، «مهلاً يا شيخ حمد!»، «قطر من الدرس الأخير إلى المسمار الأخير في نعشها!»، «إلى قطر من بوابة السلام!»، «بعد قرار هارودز: هل من ناصح لقطر؟!»، «قبل فوات الأوان يا قطر!!».
صورة حضور الأستاذ رئيس التحرير لم تتوقف عن تصدّر كتابة مقالاته في صحيفته «الجزيرة». فما بين صورته وهو يحمل جائزة مؤسسة البحر الأبيض المتوسط العالمية بإيطاليا وتسليمه الجائزة عن فرع الصحافة والإبداع 2015م أو بجائزة الإبداع الإعلامي للعام 2015 من قبل الملتقى الإعلامي العربي الـ12 في الكويت أو صورة فوزه بجائزة «كوغر» للشخصية الصحفية السعودية والخليجية 2015 وغيرها من الجوائز.
كل تلك الصور تجسِّد ميثاقاً غير مكتوب ومسلكاً خاصاً بين خالد المالك وإبداعه من جهة ومن جهة ثانية الإعلام وأفراد كيانه نحو القيادة الرشيدة والوطن الأغر.
أزمة جديد دخلت، ورؤساء تحرير الصحف والكتّاب والإعلاميون والمثقفون مع قيادات الوطن يؤكدون على حضور غير مسبوق وهم - بإذن الله - يعرفون المهدّدات التي تستهدف موطن الإسلام والسلام ؛ ولذا نرى الاستعداد للدفاع عن الوطن وصدِّ أي تصريحات استفزازية يتعرض لها العالم العربي والإسلامي بقدر ما كان وسيكون وأكثر.
لقد أسّس صديق الإعلاميين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - منهجية خاصة للإعلام رسالته الأهم أن (يعرف أبناء هذا الوطن أهمية بلادهم ومرتكزات قوتها) وهو أمر تجسّد عندما التحق بذلك الإعلامي والمثقف والكاتب والصحفي والمغرد والمواطن؛ ليكوّن الصورة المشرقة في ذلك الشعار النبيل وليقدِّم هذه الأساليب الدفاعية عن وطنهم وأمتهم العربية والإسلامية.
هذه المنهجية قد لا تكون أدقّ أسرار الملك سلمان، وليست جلّ العلاقة الخاصة بينه وبين نسيج وطنه - فرداً بعد فرد -. فهو ممن عرف بأنّ المسؤولية فيها ما يُلهي عن غيرها، وأنّ النجاحات المجسدة والتي تحافظ على أمن الوطن والخليج والعرب والإسلام هي الأساس الحقيقي، وسيتحدث عنه الغير. ولعل ذلك ما دفع «انطوان سفير» كاتب ورئيس تحرير مجلة «دفاتر الشرق» للقول: «إن توجّهات الملك أسست للأولويات التي من شأنها أن تحفظ أمن المملكة الداخلي وتراعي مكانتها وذلك في حربه على جبهات عدة من أجل الحفاظ على استقرار بلده الداخلي والحفاظ على حدوده».
حبُّ الوطن وسموّ المهمة جعلتْ كافة الأطياف الإعلامية تلتفُّ حول وطنها، فالجميع موجود بما يمكنه. هذا الالتفاف والتراصّ والتكاتف هو أسلوب قيادة وطن وهي شعور الترسانة الإعلامية التي تدرك بالجزم المؤكّد أنَّ التحديات موجودة ومستمرة وأن الجهود لن تنجح سوى بالتكامل والتعاون الذي يأتي منه أيضاً إنصاف كل عطاءٍ بما يستحق.
أبا بشار:
لقد كتبتّ بموضوعية، ونتمنّى بأنَّ من كانت له أذنان فليسمع قولك:
«نتمنى من أمير قطر ألا يوسع خلافاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، وأن يسعى إلى تطييب خواطر من أساء إليهم، وأن يصغي إلى نصائح إخوانه قادة دول المجلس، فقدر قطر أن تكون ضمن المنظومة الخليجية، وليس خيارها أن تكون ضمن تحالف مع إسرائيل وإيران، وليس من مصلحتها أن تتبنى المنظمات الإرهابية، وأن تكون ملاذاً آمناً للإرهابيين والمتطرفين».
ومن الله العلي القدير أسأل التوفيق والرشاد والسداد للجميع لما فيه الخير والصلاح وخدمة الوطن والأمة، وأن يرد «قطر» إلى الحضن الخليجي، وأن ينقذ «قطر» من سجّانها، وأن يحميها من أعدائها، وأن يأخذها إلى حيث تكون هناك مصلحة لها. وأنْ يحفظ هذا الوطن ويديم عليه أمنه واستقراره وأمانه، إنه سميع مجيب.