د. ناهد باشطح
فاصلة:
"إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
(حديث رسولنا الكريم)
متى تشعر بأنك تتمثل بالأخلاق؟
وسط هذا الكم من الضوضاء حولك، وهذا الكم من سيل المعلومات المتدفق الذي يحمل أفكارًا مختلفة، تتفق تارة وتختلف تارة أخرى مع قناعاتك؟
هل ممارسة السلوكيات التي تُعتبر واجبًا اجتماعيًّا أو دينيًّا هي التي تجعلك ذا خلق؟
هل الالتزام بالعبادات يمكن أن يجعلك تشعر بالإنسانية؟
إذن، لماذا لا تُحدث الصلاة أثرها، ولا يحدث الإيمان بشكل عام أثرًا في بعض القلوب؟
لماذا لا تأسى القلوب لطفل يتيم أو أم مكلومة أو محتاج إلى مساعدة إلا إذا اشترطنا شروطًا عدة، مثل أن نعرف هؤلاء الناس ونتأكد من معاناتهم، أو أن يكونوا ضمن مذهبنا الديني؟
الاستشعار هو الذي يحقق الهدف من التزامنا بواجباتنا الدينية، وهو الجانب المعزز للأخلاق..
أن نفهم أن المساعدة للجميع غير مشروطة بدين أو مذهب أو لون.. يعني أن نفهم الفرق بين الأخلاق والدين.
على سبيل المثال: هل تتصدق بالمال لتحمي نفسك من مصائب القدر أم لأنك تشعر إلى أي مدى يحتاج منا هذا العالم أن نكون فيه كما خلقنا الله خيرين على الفطرة؟
كيف لي أن أصدق أن مصليًا، وقف أمام الله، ثم انتهى من صلاته ليلحق الأذى بإنسان أو حيوان أو نبات، أنه كان يتواصل مع خالقه؟
أن تتحول العبادات إلى عادات يعني أن نفقد عمق الاستشعار بالعبادة ذاتها..
وأن تحصر الأخلاق في أداء الواجبات الدينية يعني أن الأخلاق مرادفة للدين، وهي ليست كذلك، الأخلاق بدأت ببداية المجتمعات التي لا تتكون إلا بوجود القيم والأخلاق التي وجدت قبل ظهور الأديان؛ ولذلك لا يمكن أن تكون الأخلاق مساحة للتلاعب باسم الدين بينما هما يشكلان اتساقًا لتنظيم حياة الإنسان، وبذلك يعزز الدين الأخلاق.
القيم الدينية مهمة في تنظيم أخلاق الأفراد والمجتمعات لكنها لا تصنع كل شيء إذا ما وجد للمجتمع نظامًا أخلاقيًّا.