عمر إبراهيم الرشيد
لعل الكثيرين من الجيل الشاب لا يعرف حركة المقاطعة العربية لكل ما يرد من حكومة الاحتلال في فلسطين من خلال مكتب المقاطعة العربي فترة ما قبل توقيع المعاهدات، وحسب علمي أنه كان يتبع جامعة الدول العربية والتي لم نسمع لها صوتاً في أزمات المنطقة الحالية لأنها تغط في سبات عميق. كان ذلك المكتب نشطاً غلى حد مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية التي تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، فأين ذاك الزمان وبعض الدول العربية وللأسف تفاخر بتعاملها مع حكومة الاحتلال. حقيقة تشعر حين يرد إليك خبر عن ضغط جماعات حقوقية غربية منصفة على حكومة الاحتلال في فلسطين بالأمل والابتهاج، مثل الضغط الذي مارسته مجموعات من الشعب الهولندي قبل أسابيع على الحكومة الهولندية لحرمان شركة النقل الإسرائيلية (ايغد)، من الفوز بمناقصة طرحتها الحكومة الهولندية لتشغيل خطوط النقل العام في شمال هولندا، مما حرمها من 190 مليون يورو سنوياً لمدة عشر سنوات. قامت هذه المجموعات بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي فبينت كيف أن هذه الشركة تخدم المستوطنين وتنقلهم في حافلاتها، وتفصل العرب عن الإسرائيليين في حافلاتها تماماً كما كانت تفعله حكومة جنوب إفريقيا إبان فترة الفصل العنصري من قِبل حكومة البيض تجاه الشعب الإفريقي. وبشكل عام ومن منطلق حضاري عدت هذه القطاعات من الشعب الهولندي تلك الشركة مكملة للاحتلال والفصل العنصري (ابارثايد)، مما حدا بالحكومة الهولندية للرضوخ لهذه الحملة وحرمان الشركة من المناقصة.
أقول هذه البادرة المتحضرة من الشعب الهولندي محل إكبار كونها تصدت للظلم الواقع على الشعب الفلسطيني وإن بطريقة غير مباشرة، لكنها بادرة بالتأكيد لها تأثير ممتد والصهاينة حالياً يعيشون أسوأ مراحلهم، كون القناع الذي تضعه هذه الحكومة المحتلة قد سقط ودخلت وسائل الثورة الرقمية والتواصل لتفضح وجهها القبيح، بعد أن خدعت رجل الشارع الغربي لعقود، بل وحتى الكثير من رجال السياسة. فكيف لمن أوتي عقلاً أن يشبه هذه (الدويلة) النشاز المحتلة والمحاطة بالدول العربية (العدوة) حسب نظرة الصهاينة وهذا صحيح تماماً، بأخرى عربية خليجية يدعي من يدعي أنها تعيش نفس الظروف؟ وإن كانت الحكومة القطرية قد خرجت عن الخط العربي والخليجي وهذا ما فرض على المملكة ومعها الإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها، فإن الشعب القطري العزيز امتداد لنا وجزء منا، ولا بد للحكماء والعقلاء في قطر أن يعيدوا يوماً مسار السفينة في الوجهة الصحيحة إن شاء المولى القدير. ومن يتصفح مواقع التواصل يجد العجب من كم الصراخ والردح والغث في هذا الفضاء المنفلت المفتوح، لكن العاقل لا تنطلي عليه الألاعيب، وتظل هناك أصوات عاقلة رزينة يجدها من يشبهها، والجهات الرسمية لحكومة المملكة لها متحدثوها ورجالها، وقاتل الله الشائعات. ترى متى يدرك عشاق الردح والصراخ والشهرة السريعة أن (من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قلت هيبته) كما قال الفاروق رضي الله عنه، وأين هم من فروسية الاختلاف!