عبده الأسمري
عندما يذكر اسمه يستذكر المجد السياسي والعز الدبلوماسي.. سفير برتبة وزير وخبير بمرتبة جنرال.. من أبرز أحفاد الأسرة المالكة. صناع الأمجاد في عقود.. تدرج في المهمات الصعبة فملأ أسمه أروقة القصور الرئاسية العالمية كسياسي محترف ووطن في هيئة شخص وسمة مسؤول.
إنه سفير السعودية الأسبق لدى أمريكا ورئيس الاستخبارات وأمين عام مجلس الأمن الوطني الأسبق الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز صاحب الكفة الراجحة في الثقل الدبلوماسي والسيرة الناجحة في العمل الاستخباراتي.
بوجه يمتلئ دهاء وكاريزما تتوشح عطاء وملامح صارمة يسكنها المشيب تحفها عينان براقتان تضخان بالذكاء والسخاء ولحية وشارب كساها الشيب فزادها وقارًا وأتحفها حكمة وحضورًا مهيبًا بحلة متأنقة وشياكة سياسية وأناقة دبلوماسية وصوت جهوري تتقاطر منه اعتبارات الوطنية كحدود حمراء لا تقبل المساومة ولغة راقية تشكل إطارات خضراء تشع بالوطنية وتنضح منه نظريات حنكة نادرة يطل الأمير بندر بن سلطان رمزًا وطنيًا وكيانًا بشريًا خلد اسمه في صفحات العالمية كواحد من أبرز السفراء وأدهى الدبلوماسيين وأذكى السياسيين..
في الطائف ولد وترعرع وكان شغوفًا بدروس كان يلقيها والده -رحمه الله- عليه وعلى أخوته فحولها بنبوغه الباكر إلى نظريات وكان مجالسًا لوالده وأعمامه من الملوك ينهل من السياسة وينتهل من القيادة فنشأ مستلهمًا ذلك الإحساس التربوي والحس الوطني ملمًا بمناهج وطنية ومنهجيات إبداعية نمت معه ولأنه مولع بالطيران توجه بعد إتمام دراسته إلى إنجلترا فتخرج من الكلية الملكية للقوات الجوية في كرانويل وانضم بعدها لسلاح الجو السعودي في عام 1968 كطيار مقاتل لبضع سنوات.
لمس الملك فهد -رحمه الله- في الأمير بندر تميزًا قياديًا بارزًا ومواهب فذة في المجال السياسي فعينه عام 1983، سفيرًا لدى واشنطن عاصر خلالها خمسة رؤساء أمريكيين، وعشرة وزراء خارجية وسجل فيها الأمير بندر نجاحات على المستوى الدولي جعلته حديث الساسة ونقاش المراقبين الأمر الذي أكسبه علاقات ونفوذًا واسعًا على مستوى أمريكا وغيرها ونال ثقة واندهاش صناع القرار وقضى في منصبه 23 عامًا كان خلالها ركنًا من أركان التوأم السياسي ومعلمًا من معالم الوجود الدبلوماسي والتعاون رفيع المستوى بين البلدين ونال منصب عميد السلك الدبلوماسي على مستوى كل السفراء.
ثم نادته الثقة الملكية عام 2005 وتم تعيينه أمينًا عامًا لمجلس الأمن الوطني بعد عقدين ونيف قضاها في ميدان البطولة العالمية وطنيًا حتى النخاع وداهية بشرية أثمرت عن وضع المملكة في مواقع متقدمة من السيادة وحسنت صورة قاتمة لدى الغرب بعد أحداث 11 سبتمبر.
وفي وقت مهم ومرحلة حاسمة تم إسناد منصب رئيس الاستخبارات العامة إليه ليقوم بمباشرة الأزمة السورية وأعماق العمل الاستخباراتي دوليًا فسجل حضورًا مميزًا كعادته عندما جال وصال بحقيبته المهيبة المليئة بالهمم الممتلئة بالقرارات. ثم سلم ملف الاستخبارات وأوكل إليه منصب مستشار ومبعوث خاص لخادم الحرمين الشريفين فظل ينازل التحديات ويواجه المهمات بعقلية مركبة فاخرة من بعد النظر والالتزام والهمة الوطنية والبعد التنموي فكان رجل مرحلة وعقل دولة في آن واحد.
كان أحد فرسان السياسة فاحتفلت به باكرًا وخلدت أروقة المؤتمرات اسمه كعقلية مذهلة خرجت من الصحراء فأبهرت خبراء التحليل الدولي وظل رفيق ملوك فاحتفت به مناسبات الوطن كصاحب شور ومالك رؤية وسادن منطلقات وخازن خبرة.
بعد هذه السنون المترفة بالأداء الفاخر والمتون الموشحة بالاعتزاز يبرز الأمير بندر حاضرًا في اجتماعات الدولة تتوجه إليه بوصلة الإنجاز أينما حل وتتركز عليه عدسة العز حيثما ارتحل.. وجه أصيل للأمان السياسي وأنموذج نبيل للأمن الوطني.
في سجلات الوطن يحضر اسم الأمير بندر كاحتفال مسؤولية ومحفل رمز وذاكرة بشرية وعيد خبرة وسرور مرحلة..
وفي ردهات السياسة وقاعات المؤتمرات وطاولات القرار يحضر إنصات الأمير سابقًا لنقلة نوعية واستباقًا لانتقال فكري في أي قضية أو موضوع ليكون توقيعه حينها «للتاريخ» وقراره «للمجد» وصوته «للتصويت».
الأمير بندر توليفه وتركيبة نادرة من القيادة في كل المجالات التي تشرفت به ووسط كل المناصب التي أرهقت من بعده ليكون رقمًا صعبًا في معادلة الإنجازات ونتيجة مبهرة في متراجحة التنافس.