كوثر الأربش
«قصة الضوء الذي انبثق من جبل بالأحساء»، في موقع العربية نت لفتني هذا العنوان، حدث هذا أثناء جولتي الصباحية لتصفح الصحف والمواقع الإلكترونية، ومضت في ذاكرتي أشياء قديمة، سمعتُ أصوات أشخاص ماتوا الآن، وهم يروون قصص الجن التي كانت تظهر في كهوف الجبل ذاته، أعني جبل القارة، الجبل الذي طالما أثار فضولي، بل فضول جميع أهالي الأحساء والمدن القريبة.
أراهن أن أغلب الأحسائيين يعرفون قصة المجنون الذي دخل الجبل ولم يعد، البعض يعتقد أنه مُغيب، آخرون يعتقدون أن الجن اختطفه.
عام 2001 تقريبًا، عندما بدأت الحواسيب المتصلة بالإنترنت تدخل البيوت، انتشرت صورة جني! إنه الجني الأول الذي يتم تصويره في جبل القارة، يقال إن سائحاً كان يصور هناك، وتمكن من التقاط الصورة.
يا الله! مازلت أتذكر كم مرة ظهر في كوابيسي جني القارة ذاك، وهو متعلق بين جدران الكهوف بأذنيه الطويلتين ووجهه الغامض المرعب.
عندما وجدت العنوان الذي ينبئ بانبثاق ضوء من جبل القارة، توقعت أنها إحدى القصص الغريبة تلك، صدقًا، بدأتُ بالشك في مصداقية الموقع كله! لكن، ويا للبهجة التي رفرفت داخلي حين قرأتُ الخبر، الضوء كان كرنفالاً للعيد، وهو ليس إلا عروضاً ضوئية باهرة، تشكل لوحات عن الطبيعة والحياة، بتقنية متقدمة ثلاثية الأبعاد، عمل عليها فريق إيطالي وسعودي متخصص على مساحة إجمالية تقدر بـ 2 كم كما ورد في الخبر.
ويبدو من الصور والفيديو المنقول أن المسرحيات والعروضات اتسمت ببعد إبداعي عصري رائع.
السعادة غمرتني فعلاً.
ليس فقط بسبب التقنيات الحديثة، ليس من أجل العمل الإبداعي الضخم الذي تقوم به الهيئة العامة للترفيه، ليس للحضور الكثيف الذي تجاوز 17 ألفًا، والذي يعطينا مؤشرًا لتعطش السعوديون لكل جمال.
ليس كل هذا وحسب.
بل لأن العلم حلّ محل الخرافة أيضًا. كنت سعيدة أن الأطفال الذين حضروا المهرجان كانوا أوفر حظا مني، ولن تزورهم كوابيس جني القارة ذاك.
إنهم شاهدوا عروضات رائعة، بدلاً من التفكير مطولاً بالمجنون الذي اختطفه الجبل. فيا أيتها البلاد الطيبة.. حثي الخطى للغد واصلي يا بلادي.. واصلي.