لا يُساورني الشكْ مُطلقاً إنّ الاحترام هو عصب الحياة وليس المال كما هو معروف ومتداول بين الناس، المال مهم في حياة الإنسان فهو يلبي حاجات الإنسان وتطلعاته لكنه لا يلبي حاجات الذات. وما فائدة الحب إذا لمْ يكنْ مبنيا على الاحترام لا على المصلحة الشخصية، ومعروف عند الناس المحترمين أن أرقى أنواع الاحترام هو الاحترام من أجل الاحترام وأسوأها الاحترام النفعي، وهو الذي مصدره المصلحة الخاصة وهذا هو المنتشر في أغلب شرائح المجتمع وما يؤلمني هو احترام الخوف الذي يدل على إلغاء الذات والتفكير العقلاني والتصرف في حدود ضيقة أضيق من سمْ المخيط.
الاحترام قبل المال هو عنوان الإنسان الذي يحترم نفسه تماماً، وليس كمثل التسامح اقتبس (التسامح محبة أصابها التعالي) جبران خليل جبران. إذا انعدم الاحترام ما فائدة المال وهُناك من يسعي وراء المال ليس المال المستحق، لكن المال غير المستحق ولا يمانع مطلقاً أن تداس كرامته وإنسانيته ولا يؤمن بالمقولة «احترم نفسك» فهو لا تعنيه نفسه بل يعنيه المال.
يغلبْ على المسلسلات التي تعرض على بعض القنوات الفضائية، وضع المال في المرتبة الأولي في إنسانية الإنسان فبالمال تشتري الكثير من الذمم والقيم الإنسانية التي تهُون على صاحبها مقابل المال، كيف يحدث هذا؟ أهذا سؤال صحيح أم إن الصحيح لماذا تأخر هذا النهج في حياة الإنسان كم هو رخيص احترام الإنسان. شخصياً أؤمن بالاحترام والمال معاً حينها يسود الحب والتقدير وليستْ المصلحة الشخصية هي الحكم، أتساءل كيف ترضى الزوجة بقلادة ذهب أو أسوارة من الماس مقابل تنازلها عن احترام ذاتها أمام زوجها الذي يري المال أولاً. كيف يرضي (الكنز حلقة سلفي) الإنسان أن يخفي حقوق إخوته من المال الذي جاءهم إرث ترى هل احترم نفسه أم إن قضاء الله كان أسرع.
أحياناً نقلل الحديث مع أشخاص ليسوا محترمين في التعاطي مع الآخرين، فهم غير محترمين لا يحترمون أنفسهم فكيف يحترمون الآخرين، وهناك أشخاص لا نحاورهم فهم إضافة إلى عدم معرفتهم أسس الحوار لا يحترمون الطرف الآخر، ألسنتهم طويلة وحادة وغير مُهذّبه. ويعِز علي وأكيد يعز عليكم من يقدم المال ومن يهدي المال دون احترام وتعالٍ ومراعاة لنفسية الإنسان المُهدى إليه. أقتبس (احترام الآخرين واحترام مشاعرهم احترام لذاتك)، هذا إذا كنت تحترم ذاتك وتقدرها وليس كمن يقول المال قبل الاحترام.
وفي الختام عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: (أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بشرابٍ فشَرِبَ منه، وعن يمينِه غلامٌ، وعن يسارِه الأشياخُ، فقال للغلامِ: أَتَأْذَنُ لي أن أُعْطِيَ هؤلاءِ؟ فقال الغلامُ: واللهِ، يا رسولَ اللهِ، لا أُوثِرُ بنصيبي منك أحدًا. قال: فتَلَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في يدِه)، قمة احترام الغلام لكبير السن. نحن بحاجة لاحترام بعضنا البعض من أجل الاحترام وليس من أجل المال، وإذا ساد الاحترام بين الناس أصبح المال عنوان المحبة والسلام.