سمر المقرن
يقول جورج برنارد شو: (لكي تكون عطوفاً عليك أن تقسو).. هذا ما فعلته دول الخليج مع قطر، القسوة التي تعاملت بها عندما قررت المقاطعة ناتجة عن عطف على هذه الشقيقة الصغيرة «المراهقة» التي بدأت تضر نفسها وتضر أهل بيتها وأسرتها بل حتى إن أذيتها طالت الجيران وسكان الحي الواحد.
إننا اليوم أمام مفترق طرق، بعد أن منحت دول الخليج ومصر الشقيقة الصغرى قطر الفرصة تلو الأخرى عبر سنوات طويلة، ما جعل قطر تعتاد على التعامل معها وفق سياسة البال الطويل والاحتواء، وهذا ما يفسر جنون دولة الجزيرة الناطق الرسمي باسم قطر بعد أن تغيّر أسلوب التعامل معهما، ووصلنا إلى مرحلة الحزم والحسم مع تلك السياسة الصبيانية التي لا تريد سوى جلب الخراب للمنطقة الخليجية على وجه الخصوص والعربية والإسلامية على وجه العموم.
عندما أقول إننا على أعتاب مرحلة جديدة وأمام مفترق طرق، فذلك بعد الشروط التي قدمتها الدول الأربع ووضعت مطالبها لتعديل سلوكيات السياسة القطرية وحفظاً لأمنها من جهة، ولحفظ أمن المنطقة وبتر العوامل الإرهابية التي زرعتها قطر في تربة الخليج غير الخصبة لهذه الأفكار التي صار العالم برمته يدرك أهدافها بعد أن أنزاح الستار تماماً عن جماعة الإخوان المسلمين، بعد أحداث الخريف العربي الذي زرع الفتنة في المنطقة العربية برعاية قطرية وتنظيم وخطط دولة الجزيرة، التي أخذت في الترويج للحيادية والرأي الآخر وعاشت كل حياتها وهي تتبرأ من دولة قطر وأنها لا تتبعها، بينما الحقيقة تقول إنها أداة لزرع الفتنة في كل الدول العربية ما عدا قطر، على الأخذ باعتبار أنها تابعة لها، لكنها اليوم تُظهر حقيقتها وأن طبّاخ السم لا بد أن يذقه، وقطر تذوق سموم الجزيرة بشكل آخر مختلف عن كل ما أذاقته دول العالم العربي، فصارت وبالاً عليها بعد المواجهة، وصارت وبالاً عليها بعد أن مشت على خططها التي أوصلتها اليوم إلى طريق الضياع، والاستعانة بالغريب كونها لا تثق بنفسها فكيف ستثق بشقيقاتها!
الكرة اليوم في ملعب دولة قطر، واستعانتها على شقيقاتها بجلب قوات من الخارج لن ينفعها، وأول المتضررين هم الشعب القطري الذي لا ناقة له ولا جمل في سياسة قيادة دولته، بل إنه لم يتمكن من فتح فمه ومواجهة هذه المراهقة السياسية لقيادته ضمن شعارات حرية الرأي التي تتغنى بها دولة الجزيرة وابنتها قطر، مع ذلك الشعب القطري يعيش في حالة خوف من التصريح برأيه، والأيام القليلة القادمة أتوقعها حُبلى بالمفاجآت، وقد تجعل هذا الشعب الشقيق يخرج عن صمته بعد أن وضعت قيادته نفسها في موقف حرِج لا تُحمد عقباه!