على مدى قرن من الزمان ومنذ توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه كانت السعودية ولا زالت دولة راعية للسلام وداعمة للاستقرار في أوساط المجتمعات الدولية وفي المنطقة العربية بشكل خاص. حيث ظلت المملكة ثابتة على هذا المبدأ وسار جميع ملوكها على ذلك على مر التاريخ وفي مختلف الأحداث السياسية التي عصفت بالمنطقة واستطاعت السعودية قيادة المنطقة والخروج بها من الأزمات بحنكتها السياسية وقوتها الاقتصادية والعسكرية. وفي ظل الأحداث السياسية الأخيرة وما يسمى «بالربيع العربي» كان للسعودية فيها دور بارز قدمت من خلاله رسائل سياسية عديدة لدول المنطقة وللعالم أجمع يمكن استعراضها في ثلاث رسائل.
الرسالة الأولى، رسالة حب وسلام قدمتها المملكة العربية السعودية لدول العالم وتمثلت هذه الرسالة في المبادرات والاتفاقيات التي قادتها السعودية خلال الأزمة، حيث قادت السعودية المبادرة الخليجية عام 2011 والتي أنقذت اليمن من حرب أهلية ودمار شامل كاد أن يلم بها أبان الثورة الشعبية ضد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وانتهت المبادرة إلى استقرار الأوضاع في اليمن قبل أن ينقلب الأخير عليها. ومن مظاهر دعم المملكة للسلام خلال أحداث الربيع العربي ماقامت به من دعم لمصر بعد ثورة 30 يونيو أدى لاستقرار الوضع فيها وعودة الحياة الطبيعية والأمن إليها من جديد. إن المملكة العربية السعودية بمبادراتها ودعمها لاتبحث لها عن مجد فهي غنية بأمجادها ولا تبحث عن مصالح خاصة أو أطماع في المنطقة فهي غنية باقتصادها وبشعبها وكل ماتقوم به من دعم ومبادرات لا هدف لها سوى استقرار المنطقة والعيش في سلام.
الرسالة الثانية، رسالة صداقة وعهد وميثاق تجلت في محافظة السعودية على مواثيقها الدولية وصداقاتها ودعم حلفائها في أحلك الظروف. فقد راقب العالم في أحداث الربيع العربي كيف دعمت السعودية حلفاءها من الدول والرؤساء والسياسيين. فقد رأى العالم أجمع كيف استقبلت السعودية الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي كلاجئ سياسي بعد أن تخلت عنه دول كان يظنها الحليف الأقوى له مثل فرنسا. كذلك راقبنا جميعا كيف وقفت السعودية مع الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك وهو الحليف الأقوى للسعودية منذ عزله إلى أن تمت تبرئته. وفي المقابل رأينا ماذا حل برؤساء الدول الذين اتخذوا سياسة عدوانية ضد السعودية مثل القذافي وغيره حيث تخلى عنه أقرب حلفائه إيطاليا وقطر. فهذه الرسالة قوية وصريحة لرؤساء الدول والسياسيين وللشعوب فأصدقائنا لا نتخلى عنهم مهما كانت الظروف وتتمثل هذه الرسالة في المقولة الشهيرة للملك فيصل رحمه الله «نحن أصفى من العسل الصافي لمن أراد صداقتنا ونحن السم الزعافي لمن أراد أن يعكر صفونا».
الرسالة الثالثة، هي مبدأ أسس له المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في مقولته الشهيرة «جعلت مبدأي ألا أبدأ بالعدوان بل أصبر عليه وأطيل الصبر حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربت ضربتي وكانت القاضية» فالمتتبع للسياسة السعودية تاريخيا يجد أنها تقوم على الصبر وعدم الاستعجال في ردات الفعل وهذا ما عرفه عنها العالم ولكن ما لم يعرفه أعداؤها وما لم يتوقعوه أن تقوم السعودية بضرب ضربتها وهذا بالضبط ما حصل في اليمن حينما أطلق الملك سلمان حفظه الله عمليات عاصفة الحزم ضمن تحالف خليجي عربي لقطع اليد الفارسية التي امتدت للجسد العربي. فالرسالة هنا ذات معنى عميق ومفادها أنه إذا طفح الكيل بالعدو (المعتدي) واستنفدت جميع الحلول السياسية فلن نقف مكتوفي الأيدي.
هذه الرسائل الثلاث هي مبادئ رئيسية ضمنت الاستقرار للسياسة السعودية وعززت الثقة فيها عند المجتمع الدولي وأضحت العلاقة مع السعودية مطمعا لكثير من دول العالم.