الجبيل - عيسى الخاطر:
خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لقطر من مستقرة إلى سلبية، مرجعة هذا القرار إلى المخاطر المالية الناتجة عن مقاطعة 4 دول عربية وخليجية للدوحة. واتخذت الوكالة في نحو شهرين خطوتين ضد التصنيف السيادي لقطر، الأولى هي خفض التصنيف، والثانية أمس وهي تخفيض النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، بينما أبقت تصنيفها الائتماني عند Aa3. وهنا، أوضح مختص أن تتابع خفض التصنيف الائتماني لقطر يظهر الانعكاسات السلبية للمقاطعة الاقتصادية وتعاظمها مع مرور الوقت، وهو الأمر الذي لم تستوعبه الحكومة القطرية هناك، حيث ما زالت تنفي تأثرها اقتصادياً بما لا يستقيم مع الحقيقة المثبتة.
وقال المستشار المالي والمصرفي فضل البوعينين لـ «الجزيرة» إن وكالات التصنيف تتعامل مع البيانات المالية والاقتصادية والمتغيرات السياسية ما يجعلها تراجع تصنيفاتها بالتوافق مع المستحدثات؛ وأحسب أن خفض النظرة المستقبلية لقطر جاء بناء على الآثار التي حدثت وتلك المتوقع وقوعها مستقبلاً، خاصة إذا ما شددت دول المقاطعة إجراءاتها الاقتصادية وهو المحتمل. وأضاف أن اجتماع وكالات التصنيف على خفض تصنيف قطر بشكل شبه جماعي يؤكد الضرر الذي تعرض له الاقتصاد القطري وخاصة في جوانبه المالية، ومن المتوقع أن يترتب على هذا الخفض آثار مالية مختلفة ومنها ارتفاع تكلفة الاقتراض السيادي واقتراض القطاع الخاص، إضافة إلى تقلص جاذبية السندات القطرية بأنواعها، واحتمالية تسرب الودائع من القطاع المصرفي الذي سيعاني من شُح السيولة مستقبلاً خاصة بعد سحب الودائع الخليجية.
من جهة أخرى، فإن خفض الرؤية المستقبلية إلى سلبية تضع في الحسبان المخاطر المتوقع حدوثها مستقبلاً على الجانبين الاقتصادي والسياسي، وهذا سيضغط على الاستثمارات الأجنبية في قطر وسيسهم في تسربها. وتوقع البوعينين أن تستمر معاناة الاقتصاد القطري مع مرور الوقت؛ وأن يواجه مشكلات متعددة وخاصة القطاع المالي، ربما تدخل المقاطعة مرحلتها الثانية بعد رفض الدوحة تنفيذ المطالبات، وهي ستكون قاسية على الاقتصاد القطري، وأرجو أن تعي الحكومة هناك التداعيات المتوقعة. وتابع: من المؤسف أن تضحي قطر بمكتسباتها الاقتصادية وحقوق شعبها وبعلاقاتها مع شقيقاتها الخليجية والعربية من أجل مجموعة إرهابيين لفظتهم دولهم واستقبلتهم الدوحة ومولت مخططاتهم وتنظيماتها الإرهابية، مضيفاً أن لكل شيء ثمناً؛ وما يحدث للاقتصاد القطري هو جزء من الثمن الواجب دفعه مقابل تعنتها وتهور حكومتها ودعمها الإرهاب وتمويله؛ وهو ثمن لا يقارن بالدمار الذي أحدثته قطر في سوريا وليبيا ومصر ودول الخليج.
وتخضع قطر للضغوط الاقتصادية المتواصلة، مع حالة الغموض التي باتت تكتنف مستقبلها الاقتصادي والمالي بسبب قلة الشفافية من طرفها، وتعنت حال دون إنهاء المقاطعة المشروطة بـ 13 شرطاً كان يمكن للدوحة إنهاء التردد حولها في أيام.
وعن الدافع الرئيس لوكالة موديز للتصنيف الائتماني، أكدت أن «الدافع الرئيس إلى تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية هو المخاطر المالية الناتجة عن مقاطعة قطر من مجموعة من الدول». كما ترى في تقريرها أن «احتمالات أن تطول فترة عدم اليقين إلى عام 2018 تزايدت وأن حلاً سريعاً للمقاطعة غير مرجح في الأشهر القليلة المقبلة».
وأشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى أن أزمة قطر الحالية بدأت تؤثر على حركة بعض الصادرات غير النفطية. كما أن مخاطر المقاطعة بحسب الوكالة ستنعكس سلباً على ثقة المستثمرين الأجانب وجودة الأصول وتكلفة التمويل. إضافة إلى ذلك، حذرت «موديز» من أن أي ضعف في النشاط الاقتصادي سيؤدي إلى تدهور نوعية الأصول خاصة في النظام المصرفي ما قد يتطلب دعماً حكومياً. كذلك ترى موديز أن قطر تواجه مخاطر ارتفاع تكاليف التمويل على الحكومة وغيرها من الجهات القطرية وهو ما سيؤدي إلى تدهور جودة الميزانية العمومية.