فهد بن جليد
كثر الحديث عن مُخططات لانسحاب شركات عالمية كُبرى، واعتذارها عن إكمال مشاريع تشييد مُنشآت كأس العالم في قطر نتيجة الأزمة الحالية، بحسب صحيفة تليغراف البريطانية وغيرها من الصحف الأوروبية الأخرى، كلنا نذكر جيداً ليلة الـ 2 من ديسمبر عام 2010م، عندما شاركنا الأشقاء القطريين الفرحة بمناسبة اختيار قطر لتنظيم المونديال العالمي لعام 2022م، والذي اعتبرناه نجاحاً لكل الدول الخليجية وللمنطقة وشبابها، فالكل فرح بهذا المُنجز الخليجي والعربي والإسلامي لأنَّه لنا جميعاً، أمَّا اليوم مع هذه الأحاديث فأشعر بالألم والأسى وأنا أتابع المزيد من التقارير التي تتحدث عن تبدد حلم تنظيم قطر للمونديال العالمي، واحتمال سحب ترشيح قطر، بسبب موقف الدوحة الداعم للإرهاب، ونتيجة ملفات فساد تم إعادة فتحها مؤخراً مع الأزمة الجديدة.
«الفيفا» لا يمكن أن تُغامر أكثر بمونديال 22، وهذا يعني احتمال وقوع الأسوأ لملف قطر في هذا الجانب، بمجرد تعالي الأصوات بإعادة فتح الملفات السابقة، والمُطالبات بإعادة تقييم المخاطر الحالية للدوحة وتورّطها في دعم الإرهاب مع فشلها في إنهاء الأزمة الجديدة مع جيرانها، رغم أنَّها مضت في هذا المشروع الضخم، وصرفت عليه مليارات كثيرة، ولكن كل هذا لا يعني شيئاً أمام أمان واستقرار البلد الذي سينظم كأس العالم.
سوء تصرف وتعامل حكومة قطر مع ملف الأزمة الخليجية، هو ما جعل الأمور تتفاقم في أكثر من اتجاه، حيث لا قدرة للدوحة ولا طاقة لها لتحمّل المزيد من الحزم في الأيام المُقبلة - حال استمرت الحكومة القطرية في عنادها - ولم تستجب للشروط المُقدَّمة من السعودية والإمارات والبحرين ومصر من أجل التخلص من الإرهاب، وغلق ملفه للأبد، والعودة للحضن الخليجي الشقيق، والعربي الكبير - وأخشى أن نقول الدولي قريباً - لأن الوقت يمضي، وقطر هي من تخسر عالمياً...
كلنا نتمنى أن تعود قطر إلى وضعها الطبيعي دولة شقيقة وجارة، فشعبها من أقرب الناس إلينا اجتماعياً وثقافياً، هم أبناء عمومتنا وأهلنا، ولكن مواقف حكومتهم المُتذبذبة والمحابية لإيران الفارسية، وتركيا الاقتصادية، خذلتنا كشعوب خليجية، تحلم بالوحدة والاستقرار والتكاتف والتعاضد أكثر.
صورة قطر الذهنية تتأثر عالمياً مع كل ساعة ويوم تستمر فيه الأزمة مع جيرانها الكبار دون حل، وسمعتها في الأوساط الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية لن تصمد طويلاً، فإيران وتركيا وجماعة الإخوان وغيرهم من الأحزاب والجماعات التي تتحزّم بها قطر اليوم في وجه الأشقاء، لن يحافظوا على أي مُكتسب من مُكتسبات قطر، وأولها حلم تنظيم كأس العالم الذي يتبدد أمام أعين الجميع، فهم حلفاء انتهازيون لا يهمهم المجتمع القطري ولا المُنجز القطري ولا الحلم القطري، بقدر ما تهمهم الخزينة القطرية، ليولّوا الأدبار إن هي باتت خاوية.
وعلى دروب الخير نلتقي.