محمد آل الشيخ
مفهوم سيادة الدول ضمن محيطها الجغرافي ليس مفهومًا مطلقًا لا يحده حدود ولا تضبطه ضوابط، كما يطرح القطريون في ردهم على دول المقاطعة، وإنما هذه المفاهيم هي من المفاهيم السياسية النسبية التي تخضع لاعتبارات معينة؛ فلا يمكن لدولة ما - مثلاً - أن تمارس هذا المفهوم إذا كانت ممارسته تضر بجيرانها ضررًا واضحًا جليًا، عندها يكون من حق هذه الدولة أو تلك أن تدفع هذا الضرر إذا كان منشأه دولة بعينها.
قناة الجزيرة الفضائية قناة تحريضية بامتياز، وكانت هذه القناة إحدى الركائز المحورية في تحريض الشعوب على حكامها إبان ما كان يسمى الربيع العربي، في حين أن هذه القناة لا تمارس الدور النقدي التحريضي نفسه ضد قطر وحكامها، هنا يحق للدول أن تعترض، وتمارس في المقابل حقها السيادي في حماية أمنها واستقرارها، من هذا العبث الممنهج القادم إليها من خارج حدودها الجغرافية.
في دول الغرب - مثلاً - قضية الحريات في إبداء الرأي بالكلمة هي من الحريات المصانة بحكم القانون الذي تنص عليه دساتيرها، لكن هذه الحرية تنتهي وبحكم القانون أيضًا إذا كانت هذه الحرية تدعو إلى التحريض على البغضاء والكراهية، أو أنها تدعو إلى ممارسة العنف، كما فعلت كثير من الدول الأوروبية تجاه خطباء مساجد المسلمين، الذين كانوا يدعون إلى الجهاد من على منابر مساجدهم؛ فإذا كان من حق تلك الدول أن تتدخل لإسكات مثل هؤلاء الخطباء، فإن لنا أن نمارس الحق نفسه ومن ذات المنطلقات تجاه سموم قناة الجزيرة التي تدعو إلى الإرهاب؛ فهذه هي تمامًا كتلك.
وقد قلتها مرارًا وتكرارًا، أن القضاء على الإرهاب الذي يعاني منه العالم من أقصاه إلى أقصاه، لن يتأتى إلا بممارسة نوع من تقليم أظافر المنصات الإعلامية التي تدعو من خلال التقنيات الإعلامية الحديثة، العابرة للحدود لإشاعة ثقافة الإرهاب، وعلى رأس هذه المنصات قناة الجزيرة الإخوانية. ففي الدول الأوروبية مثلاً لا يمكن لكائن من كان أن يدعو إلى (النازية)، ويعتبرون دعوة كهذه ضربًا من ضروب خرق القوانين، لأنهم عرفوا ما تحتويه الفكرة النازية من انعكاسات خطيرة على الأمن والسلام العالمي، وفي تقديري أن العالم سيصل في النهاية إلى التعامل مع الفكر الإخوني كما تعامل الأوروبيون مع الفكر النازي، حتمًا، وأرجو ألا يكون ذلك بعد خراب مالطا كما يقولون.
فالفكر الإخواني الذي تدعو إليه قناة الجزيرة، ويدعو إليه حكامها، هو والسلام والأمن العالمين نقيضان، لا يمكن الجمع بينهما؛ كما أن من يزعمون أن الفكر الإخواني في وجه من وجوهه يحمل فكراً إسلاميًا حركيًا معتدلاً، ينسفه ما يجري الآن في مصر بعد سقوط حكمهم من مجازر وأحداث عنف، جعل كثيرًا من المصريين أنفسهم يتنهون إلى أن الإرهاب جزء أصيل من الفكر الشمولي الإخواني،
وأنا على يقين لا يخالجه شك أن الإرهاب الذي يعاني منه العالم لن ينتهي ولن تنتهي معاناة العالم منه، طالما أننا نعطي لجماعات الإخوان الحرية كاملة في الدعوة إلى إيديولجيتهم التدميرية للإِنسان.
إلى اللقاء