علي الخزيم
مع تسارع الأحداث المحيطة وشغف المتابعة لمعرفة ما يدور وما يقال حول هذه المستجدات؛ يزداد التأمل بحياتنا هنا في المملكة العربية السعودية حيث ـ ولله الحمد ـ الدَّعة والرفاهية، فلا يملك المرء غير رفع الحمد والشكر لله سبحانه، ثم الثناء على من كانوا سبباً لهذه المعيشة الرغدة زادهم الله رفعة وقدراً، وجزاهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء لقاء جهودهم الخيرة النبيلة تجاه شعب المملكة وكافة الشعوب العربية والإسلامية والصديقة، وتتسع دائرة التأمل والأعجاب بسيرة حكامنا الأفذاذ فلا تجدها إلَّا عطرة حكيمة متأنية كما هي توجيهات شرعنا الإسلامي الحكيم.
ويشرد بك الذهن لتتأمل أوضاع شعوب أخرى ابتلاهم الله بحكام ساروا ـ هداهم الله ـ على نهج مُعْوَج أبعد ما يكون عن الحكمة والإخلاص لأنفسهم وشعوبهم، ومن سير وتأريخ المشاهير من الحكام بالجانب السلبي تجد العجب من الحديث عن بعض تصرفاتهم وفلتات عقولهم وشطحات نفوسهم، حيث أن فيهم من يعاني من لوثات عقلية وأزمات وعقد نفسية نتيجة لمواقف سابقة إما في طفولتهم أو مرحلة شبابهم؛ غير أنها لم تبرز إلى السطح وأمام الملأ إلَّا حينما قدر الله أن يتسنموا مقاليد الحكم في بلادهم ووجدوا الشجاعة المدعومة بالإمكانات والوسائل المُعِينة على ممارسة تصرفاتهم تلك دون قُدرة المعترضين على كبح جماحهم التسلطي الخارق للأعراف والقوانين والشرائع.
وتحدث المؤرخون عن نماذج كثيرة من هؤلاء غير أن الملفت أن مما يزيد المواقف سوءًا عند أشهرهم هو إذا كان الحاكم امرأة أو أنها تشارك بالحكم بأي طريقة، وهذا ليس انتقاصاً لقدر المرأة ودورها ـ إذا صلحت ـ في بناء الممالك وعمارة الأوطان؛ لكنهم أوردوا صوراً لها حينما تتقلد حكماً وهي غير أهل له، إذ أن النساء (غالباً) يُعملن العاطفة بدلاً من العقل كما هي سنة الله في خلقه، ووردت قصص حول من يسعى من الحكام إلى فرض مبادئه على نمط الحياة في بلاده تعسفياً ليشبع أنانيته السلطوية، بل إن منهم من لا يرى سوى البطش والجبروت سبيلاً لتكريس حكمه كما هو مشاهد في بعض البلاد، ومن الصور التاريخية المحزنة أن يكون الحاكم مصاباً بلوثات أقرب إلى الجنون وهو الشخص الأكثر نفوذاً في البلاد، وبيديه كافة أو أغلب القوانين والأحكام فبدون ريب فإنه يزعج شعبه ومن جاورهم، وكمثال يقال إن الملكة ماري الأولى ملكة إنجلترا كانت تعاني عقدة عدم الإنجاب مما سبب لها اضطراباً نفسياً انعكس على طريقة إدارتها للأمور، وجنوحها لأعمال لا تناسب مقامها وتؤذي شعبها، أما حاكم روما التاريخي القديم (كاليغولا) وهو اسم أطلقه عليه الشعب تندراً عليه، فكان يرى أنه إله على الأرض وبلغ به الجنون أن يطلب القمر ويحزن كلما تذكر أنه لا يدركه، ومما دونه التاريخ من النوادر أن ملكاً أوروبياً قديماً يدعى (فرديناند) حكم وهو يعاني من مرض وراثي ولم يكن يتكلم فلم ينطق عند توليه الحكم سوى جملة (أنا الإمبراطور، أريد الزلابية) يقصد اللقيمات.