د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
هذه الحلقة الثانية من التعريف بموضوعات الندوة العلمية التي نظمها قسم اللغة العربية في جامعة القصيم يوم الأربعاء 14 شعبان 1438هـ، بعنوان (التحكيم العلمي بين الموضوعية والذاتية).
واقع التحكيم العلمي في المجلات العلمية: للعارف
بدأ أستاذنا بالإشارة إلى أن الأهمية القصوى لموضوع هذه الندوة دعت إلى عقد «مؤتمرات عدّة داخل المملكة وخارجها، تناولت هذه القضية من جميع جوانبها، عرضا وتحليلا ومقاربة موضوعية، وخرجت بنتائج وتوصيات ناجعة.
ومن أهم تلك الندوات الندوة التي أقامتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1428ه... (التحكيم العلمي: أحكام موضوعية أم رؤى ذاتية)... والندوة الثانية أقامتها دارة الملك عبدالعزيز عام 2005م ... (اللقاء العلمي لمسؤولي التحرير في المجلات العلمية المحكمة في المملكة العربية السعودية).. والندوة العلمية الثالثة التي عقدتها جامعة بني سويف بمصر عام 2015م ... (السرقات العلمية في الأوساط الأكاديمية: الظاهرة ومعالجتها)».
يسوق أستاذنا حديثه عن واقع التحكيم العلمي في المجلات الجامعية، انطلاقًا من تجربته السابقة في رئاسة تحرير مجلة جامعة أم القرى لعلوم اللغات وآدابها، ودار حديثه عن مفهوم التحكيم العلمي، وعن أهميته وأثره، وعن مجالاته وفروعه، وعن معاييره وآلياته ومنهجيته، وعن واقعه ومشكلاته، وعن آلية اختيار المحكمين للبحوث العلمية، وعن مواصفات اختيار رئيس التحرير وأعضاء هيئة التحرير.
بدأ بشرح لغوي لمادة حكم ومشتقاتها ثم المعنى الاصطلاحي للتحكيم، الذي هو حالة من الشكّ الإيجابي حين يخضع عمل الباحث للفحص النقدي المتوخي الكشف عن جوانب القوة والضعف فيه بصفة قضائية موضوعية شفافة، وألمح إلى تعدد أنواع الأعمال المعروضة للتحكيم؛ ولذا تختلف آليات الحكم عليها فمنها المؤلفة والمحققة والمترجمة والناقدة، واهتم بذكر مسارات التحكيم حسب المعمول به في مجلة جامعة أم القرى؛ إذ يعرض الموضوع على رئيس التحرير لينظر في مسألة ملاءمته للنشر حسب قواعد النشر في المجلة ثم يدفع به إلى أحد أعضاء هيئة التحرير المتخصص للنظر في صلاحه للتحكيم ويكتب تقريرًا مبدئيًّا عن ذلك ويسمي ثلاثة من المتخصصين في الجامعات للحكم على العمل، ثم تجتمع هيئة التحرير للنظر في ذلك كله، وليس اختار المحكم عشوائيًّا بل وفاق معايير منها علاقة المحكَّم بموضوع العمل وخبرته، وكفاية سيرته الذاتية الدالة على سعة علمه وتمرسه بالبحث والحكم على البحوث، وسمعته العلمية الدالة على موضوعيته، ثمّ خبره هيأة التحرير بمدى تجاوب هذا المحكم وفاقًا للمدة المقررة للحكم، ومدى التزامه بالاستمارة الموجِّهة للعملية التحكيمية، وهي استمارة شاملة لتقييم البحث من الجوانب العلمية والمنهجية والشكلية، وتأتي التقارير مختارة أحد خيارات حددتها استمارة التحكيم فإما قبول البحث دون تعديل أو قبوله بعد تعديل طفيف أو قبوله بعد تعديل جذري أو رفض البحث، وكل ذلك مؤيد بالمسوغات؛ ولكن ثمة مشكلات تواجه لجنة التحرير تتعلق بمدى جدية المحكم ونزاهته وعمق تناوله، ويواجه الباحث بمشكلات منها تأخر مدّة الحكم على البحث على الرغم من تحديد المجلة لها، ومنها طول مدة النشر، ومنها كون التقارير سرية فلا يستفيد الباحث منها في معالجة بحثه ويطمئن إلى عدالة الحكم الذي حكم به على بحثه، ولذا عمدت مجلة أم القرى على تمكين الباحث من الاطلاع على التقرير على أنه لا حقّ له في الاعتراض، ومع ذلك لم تسلم المجلة من الاعتراض.
ومما يتعلق بنجاعة التحكيم وجودته أن يختار لرئاسة المجلة من تتحقق فيه شروط هي مشابهة لشروط المحكَّم، ولا غرو فهو شريك في الحكم منذ قبل البحث ثم سار به المسيرة التحكيمية الموصوفة، فلابد أن يكون رئيس التحرير وعضو هيئة التحرير بدرجة أستاذ، وأن يكون له صلة بالبحث العلمي ومستجداته المعاصرة، وأن يكون متخصصًا بالمجال العلمي للمجلة، وأن يكون له خبرة سابقة كأن يكون عضو هيئة تحرير أو هيئة استشارة لمجلة علمية.
وأن يكون من المشهود لهم بالتميز في خلقه وعلمه، وأن تكون سيرته الذاتية كاشفة عن مشاركات علمية في البحوث والمؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية.
وانتهى أستاذنا إلى جملة من التوصيات، من أهمها إقامة دورات وورش عمل لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات لتنمية قدراتهم المهنية في مجال تحكيم البحوث العلمية. ومنها إعادة النظر في لائحة البحث العلمي الموحد في الجامعات السعودية خاصة مكافآت المحكمين، ومنها مشاركة القطاع الخاص في تمويل تحكيم البحوث العلمية وطباعتها.
هذه محاولة للإشارة إلى أبرز جوانب واقع التحكيم العلمي في المجلات العلمية التي سمعتها من أستاذنا الدكتور عبدالرحمن العارف، ولمن أراد أن يسمعها غضة بصوته وصورته أن يرجع إليها بهذا الرابط. https://www.youtube.com/watch?v=mlPzeZD5lwE