«الجزيرة» - المحليات:
بين مصاب يَعُدُّ الساعات والدقائق للعودة إلى الحد الجنوبي للمملكة العربية السعودية لإكمال أداء واجبه مع زملائه من الأبطال المرابطين هناك، وبين أم ترفض عودة ابنيها من الحرب على الحوثيين إلا بعد تحقيق النصر أو الشهادة، شهدت فقرة حكايا مرابطين على مسرح مهرجان «حكايا مسك» الذي تقيمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية» في منطقة تبوك هذه الأيام، تفاعلاً وطنياً من قبل حضور المهرجان.
وانطلقت مساء أمس الأول الخميس فعاليات المهرجان بمركز الأمير سلطان الحضاري، والتي تستمر لمدة ثلاثة أيام حتى اليوم السبت، وسط إقبال متصاعد على الأنشطة التي توافد إليها أبناء المنطقة متنقلين بين المعارض والأجنحة المشاركة، إذ تمثلت هذه الأنشطة في ورش عمل تدريبة يقدمها شباب محترفون في مجالات الكتابة والرسم بأنوعه وصناعة الرسوم المتحركة والإنتاج المرئي الأنيميشن، إضافة إلى قسم المؤلف الصغير.
وفي مسرح حكايا استضاف المهرجان الإعلامي السعودي حمد المحمود مدير مكتب قناة سكاي نيوز عربية في السعودية الذي تحدث عن مشاركته في تغطية إعلامية للأحداث العسكرية الجارية في الحد الجنوبي للمملكة العربية السعودية، والذي تحدث عن القصص البطولية والإنسانية التي يقدمها المرابطون، إضافة إلى ما يقدمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لخدمة الشعب اليمني.
واستهل المحمود حديثه بحمد الله على ما تنعم به البلاد من أمن وأمان بسبب ما يقدمه بعد توفيق الله جنودنا البواسل في كل مكان وزمان، مشيراً إلى أنه عايش وزملاؤه الإعلاميون العديد من المواقف التي يحفظ التاريخ للمملكة حكومة وشعباً وقفتها التاريخية مع الأشقاء اليمنيين قائلاً: لقد حضرنا إلى الحد الجنوبي وسلاحنا القلم الذي كنا ننقل من خلاله كل ما يحدث، ونشارك الأبطال بطولاتهم برصد نجاحاتهم، نتألم حيناً ونفرح في أحيان كثيرة خاصة ونحن نشاهد هذه التضحيات التي تستمر لعامها الثالث والوطن بمواطنيه والمقيمين فيه يعيشون في أمن وأمان.
وأضاف: «لقد شاهدنا أولاً البطولات والتضحيات التي يقدمها جنودنا البواسل وهي لا تخفى على أحد، وإلى جانبها أهم الأعمال الإنسانية التي يجهل البعض تفاصيلها بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي لا يميز فيما يقدم من خدمات بين أبناء اليمن سواء كانوا من المليشيات الحوثية أو من مناصري المخلوع صالح أو من الفارين من ويلات هذه الحرب التي افتعلتها المليشيات».
وقال المحمود: «القصص التي تروى في هذا الشأن كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما قمت بتغطيته في نقطتي المراكز الطبية التي أقامها المركز لزراعة الأعضاء في الأراضي اليمينة لمصابين يمنيين، ومنهم شاب بترت ذراعه اليسرى من قبل المليشيات، وهُجِّر ذووه، ودمر منزلهم في اليمن، وكان خائفاً في بادئ الأمر أن يظهر في لقاء تلفزيوني، وبعد أن أجرينا المقابلة معه، طلب فجأة الظهور على الشاشة من أجل أن يرى العالم أجمع ما تقدمه المملكة له ولغيره من خدمات إنسانية، وقال الشاب اليمني: كنت لا أرغب في الظهور خوفاً من المليشيات، ولكنني وبعد مراجعة نفسي، تأكدت أنه ليس هناك شيء أخسره فقد تم تهجير أهلي ودمروا بيتي ولم يعد لي مأوى إلا ما شاء الله لي في هذه الحياة».
وواصل مدير مكتب سكاي نيوز حديثه قائلاً: هنالك أيضاً قصة لشخص لا أنساها قد وطئت قدماه لغماً أرضياً فتمت معالجته من قبل المركز، لكن الغريب في أمره أنه طلب أن يعود إلى اليمن ليقتص من المليشيات وينضم إلى قوات الشرعية اليمنية لمحاربة المليشيات بقدم واحدة، متألما لحال اليمن وأهله وما آلت إليه الظروف في هذه المنطقة العزيزة على قلب العرب جميعاً.
وأردف الحمود: «لقد سمعنا أحد الصحافيين الأجانب ممن تمكنوا من تغطية الأحداث يقول: كنت أتوقع أن أصل إلى المملكة وأجد البلد في حالة استنفار ولكن تفاجأنا من مستوى الأمن العالي والاطمئنان الكبير من قبل المواطنين وعدم شعورهم بالحرب».
وبحسب المحمود فإن الحرب تيسر في عامها الثالث ولا أحد يشعر بمجرياتها بسبب الأبطال الذين وضعوا أرواحهم على أكف الموت طالبين النصر أحياء والشهادة أمواتاً - بإذن الله.
أما المواقف التي تؤكد لحمة هذا الوطن وأبنائه، فقد ذكر المحمود أن هنالك أخوين يعملان في المكان نفسه والسلك العسكري الواحد، فتم تقديراً لظروف ذويهما ووالديهما إعطائهما بالتناوب إجازة بحيث يظل الأخ الأول على حدود الوطن، والثاني يذهب للقيام على حاجة والديه، إلا أن والدة الشابين رفضت بشدة هذه الإجازة وإجبار ابنها على العودة للمشاركة مع أخيه، وقالت لهما إما أن تعودا لنا منتصرين أو شهداء ليتقبلكم الرحمن - بإذن الله.
بعد ذلك تحدث علي الحمدي أحد أبناء منطقة تبوك وأحد المصابين بالحد الجنوبي عن إصابته وأهم أمانيه التي يرجو الله من خلالها أن يعجل بشفائه ليعود للدفاع عن أرض الوطن، ومشاركة زملائه مسيرتهم المشرفة، وقال: لقد أصبت في قدمي الأيمن نتيجة اشتباك عسكري مع متسللين حاولوا الدخول إلى الأراضي السعودية، وأثناء تأديتنا لواجبنا الوطني بعد تحقيق الأهداف العسكرية وقتل جميع الأعداء تعرضت لهذه الإصابة التي تم نقلي بعدها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، والتي أعد من خلالها الدقائق والساعات لشفائي - بإذن الله - والعودة مع زملائي وهي أمنية أرجو منك الله أن ييسرها لي.
وحول معنويات زملائه بالحد الجنوبي أشار الحمدي إلى أن مشاعر وهمة المرابطين لا يمكن وصفها وهم يؤدون عملهم تجاه دينهم ووطنهم وملكيهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده - حفظهم الله.
وأكد الحمدي أن مشاعره التي لا تقل ولا تتزيد عن أي مواطن بالمملكة هي ذاتها تلك التي يتمتع بها جنودنا البواسل. وفي الختام وجه البطل علي كلمة للجميع قائلاً: اطمئنوا على حدود الوطن فما غاب شهيد إلا حضر آخر يطلب الشهادة, وما غاب فارس لإصابة أو خلافها إلا حضر فارس أشد منه إقداماً.
واختصر الحمدي حديثه على مسرح حكايا بقوله: الفرق بيننا وبين الأعداء أنهم إذا أصيب المغرر به منهم تركوه, بينما نحن - ولله الحمد - لا يترك الصاحب صاحبه حتى يلقى منيته أو ينقذه.
إقبال الفتيات على «الأنيميشن»
حظي معمل «الأنيميشن» الخاص بصناعة أفلام الرسوم والفوتوشوب والموشن جرافيك، بإقبال لافت في مهرجان «حكايا مسك» الذي تقيمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية» في مركز الأمير سلطان الحضاري بمدينة تبوك، واستحوذ المعمل في يومه الأول على الحصة الأكبر من إجمالي زوار بقية الفعاليات المتمثلة في العديد من الأجنحة والمعامل الخاصة والورش التعليمية، والعروض المرئية والمسرحية، إضافة إلى حكايا المرابطين.
وأوضحت المخرجة التلفزيونية سلمى حلواني أن الأنيميشن أو ما يسمى بالتحريك، هو فن من فنون العصر وصناعة الأفلام، ومن خلاله يتمكن الممارس لهذا المجال من صناعة المحتوى الرقمي والمرئي الخاص به، مضيفة: «وتعتبر الأنيميشن من الصناعات ذات المستقبل الربحي وخاصة للفتيات اللاتي يتعذر عليهن الخروج إلى سوق العمل، إذ لا يتطلب هذا الفن سوى أجهزة معينة يمكن لمحبيها العمل عليها وكسب المال من خلالها وممارسة هذه الصناعة المحببة إلى قلوب الشباب والفتيات».
وذكرت الحلواني أنها ستقدم ثلاث ورش عمل في هذا الشأن لتعريف الزوار على أحدث البرمجيات في مجال الأنيميشن من خلال مواضيع مختلفة وحديثة، مشيرة إلى أن ورش العمل قد خُصص لها وقت مناسب لشرح عملية الدبلجة ومراحل صنع الأفلام بمشاركة نخبة من المهتمين في هذا المجال، وسيقدم المعمل بشكل مختلف العديد من الورش في مختلف مهارات البرمجة والحوسبة.
من جهة أخرى أعرب عدد من المستفيدين من ورش الأنيميشن عن سعادتهم بتلقي دورات تدريبية في مثل هذه المجالات النادرة، آملين بأن يستفيد الجميع من فعاليات المهرجان بحضوره الأول في منطقة تبوك، وأن ينعكس ذلك على مستوى الحراك الإبداعي في المنطقة والتعرف على تجاربهم في مجال صنع الرسوم المتحركة وتحريكها والدبلجة الصوتية، وفي شتى المجالات الإبداعية.
أصغر روائية في تبوك تبهر بلغتها الإنجليزية زوار «حكايا مسك»
أبهرت الطفلة جوان عبدالله الحربي التي لم تتجاوز عامها السادس من عمرها زوار فعاليات «حكايا مسك» المقامة بمدينة تبوك، بإتقانها للغة الإنجليزية قراءة وكتابة، وقدرتها على تأليف القصص القصيرة والروايات، إضافة إلى تميزها في الرسم، وشغفها الدائم بالمطالعة والقراءة في الأدبيات المكتوبة باللغة الإنجليزية والتي تهتم بالثقافة العربية.
وقال والد الطفلة «جوان» إن ابنته تعلمت وأتقنت اللغة الإنجليزية إبان وجودها في كندا التي كانت والدتها مبتعثة فيها من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وقد لاحظنا اهتمامها باللغة إلى جانب الإبداع فيها وسرد القصص، كما أنها تحب المطالعة والقراءة في المكتبات العامة، مشيراً إلى أنه وجد في مهرجان «حكايا مسك» من أجل أن تحظى ابنته التي تهتم بالثقافة العربية وتستطيع الحديث بلغة مفهومة، بما يقدمه المهرجان من فعاليات وورش عمل خاصة بالأطفال، حيث تم إشاركها في ركن المؤلف الصغير الذي يحتوي على ورش عمل تطبيقية، ومسرح مناسب للقارئ الصغير، ويهدف من خلال منصته إلى تعليم الأطفال الصغار كيفية كتابة القصص ورسمها عن طريق تطبيق إلكتروني، وتمكين الطفل من طباعة القصة الخاصة به ونشرها، وتناول موضوعات هادفة مثل تعزيز قيم الانتماء الوطني، والحفاظ على البيئة، إضافة إلى ربط الأطفال بعالم القصة من خلال تعليم التأليف في مجال القصة الإلكترونية.
وأكد الحربي أن ابنته جوان حريصة ليس على اللغة فحسب بل على السلوكيات التي تشاركنا فيها بشكل يومي، وتهتم بها ولديها في السياق ذاته اهتمام بالرسم وبكل ما يتعلق به.
يذكر أن فعاليات مهرجان «حكايا مسك» تواصل لمدة ثلاثة أيام في المنطقة وتهتم في صناعة المحتوى الإبداعي ضمن قيم هادفة لجميع شرائح المجتمع، والتعريف بالتراث وإكساب الأطفال الشباب والفتيات المهارات والخبرات من خلال التواصل مع ذوي الخبرة والاختصاص، وتمكينهم من مشاهدة أعمال إبداعية في مجالات المسرح والأفلام القصيرة، والرسم، وكذلك التأليف، وفنون السرد القصصي، إضافة إلى التعرف على قصص المرابطين على الحد الجنوبي وفق شهادات الإعلاميين الذين عايشوا تلك التجربة في تغطياتهم الميدانية على الحدود.
وسيكون زوار فعاليات «حكايا مسك» على موعد مع 8 منصات ثابتة طيلة أيام انعقاد الفعاليات، تتمثل في سوق حكايا واستوديو الإنتاج ومحترف الأنميشن، وساحة الرسم، ومحترف الكتابة، والمسرح، والمؤلف الصغير، وحكايا الشباب.