ناصر الصِرامي
سيكون محزنًا حقًّا أن تعجز أو تمتنع عن التعريف بجنسيتك بسبب سياسة قادتك في دولة قطر، بعد أن كانت تعدك عبر سياسات الغرور والجهل بأن تبقى منفوخ الأجنحة، فبلادك الصغيرة ستصبح العظمى إقليميًّا وعربيًّا، وستتحكم بكل فصول المشهد السياسي، وستنصب هذا رئيسًا، وتسقط ذاك بالإعلام والمال والسلاح والإرهاب والتآمر!
إلا أن مخطط القيادة القطرية الحالية، وتحديدًا ما يتعارف عليه الآن بـ "تنظيم الحمدين"، الذي أنفق المليارات والمليارات على غيرك، من المحيط إلى الخليج، وأبعد من ذلك، فشل في الوهم، ونجح في الفوضى.. بعد كل ما أحدثه من تخريب.
وفيما كان الوعد أن تكون - المواطن القطري - منفوش الريش في كل بلد عربي أصبحت النتيجة مقلوبة تمامًا اليوم، ومرة أخرى من ليبيا للمغرب وتونس ومصر وسوريا والعراق ولبنان واليمن.. إلخ، لم يعد سهلاً عليك اليوم التجول في العالم العربي على الأقل، وتعلن أنك من قطر، أو مواطن قطري، لا لسائق التاكسي أو حتى حامل الأمتعة، ليس الآن، وليس بعد سنة على الأقل! المشكلة ليست في المواطن القطري الشقيق والحبيب الذي يشبهنا ونشبهه طبعًا.
المشكلة فيما حدث، وفي كتم صوتك بعد كل هذا الضرر والعزلة، وأن تبقى أصوات من لم تكن لهم أصوات أو منبر في الواجهة، بعد أن وجدوا في "الدوحة" ومنها متسعًا لنشر الكراهية والغل والخراب والحسد والحزن أيضًا..!
لماذا أصبحت الدوحة هكذا؟ لماذا تجمع قادة التيارات الحزبية ومنظرو الإرهاب ومحركو الفوضى في مكان كان اسمه فرحة.. "الدوحة"؟!
من فعل بها ذلك؟ من جلب كل هذا السقوط في الإثم، وهذا العقوق والخذلان؟ من أزاح أهلك وعشيرتك وجيرانك وأصدقاءك..؟ أي صوت هذا الذي يطغى على صوتك.. على مبادئك وأصلك..؟!
نعلم وتعلم أن كل من يتحدثون باسمك همهم وجريهم خلف الريال القطري، أو خلف أرض تتحمل عبثهم وكراهيتهم، بعد أن لفظتهم أوطانهم، وضاقت بهم الأرض بما رحبت، اختارهم هذا المشروع الفاسد، والطموح الغبي، ومؤامرات الليالي السوداء، ومن وقتها جثم هذا الكابوس على قلب قطر، كابوس الخراب والشياطين مهما تلونت أو تعممت أو رتلت من النصوص، ظاهرهم الإثم وباطنهم العذاب والويل والثبور!
طمح "الحمدان" للسيطرة على العرب والمسلمين.. أهدرا الأموال وأزهقا الأنفس لعقدين بالتمام والكامل.. ومكرا مكرًا كبيرًا.. قبل أن يرتد السحر.. وتسقط الخرافة، وتنكشف الأقنعة.
الصورة واضحة لتلك المقامرة الفاشلة، وللدور المشبوه والمشوه، لكن المقامر الكبير بوطنه ومنطقته وقوميته أصبح يعاني من الإدمان، ومن الصعوبة أن يشفى من جنون عظمته وخسائره. وحتى بعد كل هذا الصبر الطويل، وبعد كل هذا الكشف المخيف لحجم المؤامرات إلى اللحظة، ما زالت المقامرة بك، وبتاريخ بلدك وبلدنا العزيز تقود إلى كارثة، إلى ما بعد الكارثة..!
أخي القطري.. طال الزمن أو قصر سترفع رأسك من جديد.. وتعلن لكل بيت في مصر وسوريا واليمن والعراق وليبيا وتونس عن براءتك من هذا العبث السياسي الفاشل والخاسر، الذي تسبب بالآلاف من الضحايا والمصابين والمشردين والمحتجزين.
ستُعوَّض من الله على كل ما أنفق من ثروتك وأموالك الهائلة للمشرق والمغرب في مجازفة سياسية فاشلة ومخيبة ومريبة وكارثية!
سترفع رأسك مجددًا، رغم الحسرة على من اختطفوا بلدك، وحاولوا اجتثاث أصولك وجذورك، ومنحوا المئات بل الآلاف من منبوذي العالم وإرهابييه الإقامة الدائمة، أو لوثوا جوازك القطري وهويتك.
وسترفع رأسك بالرغم من كل ناعقي المستوطنات الإعلامية التي تدعي أنها قطرية، ولا يوجد فيها شيء قطري إلا الريال الذي يسرقونه منك يوميًّا، والوطن القطري الذي شوهوه أمام الجار القريب والقريب جدًّا قبل البعيد.. حفظك الله وأعانك، وأعاد الدوحة فرحة كما كانت، وكما تستحق كل الخير دائمًا.. ولو بعد حين..!