«الجزيرة» - المحليات:
أخذ الإعلامي حسن الطالعي حضور مسرح مهرجان «حكايا مسك» الذي تقيمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية» في منطقة تبوك، عبر منصة حكايا مرابطين، إلى قصص التضحيات التي يقدمها المشاركين في عاصفة الحزم وعلى رأسهم جنود المملكة البواسل.
وتناول الطالعي قصة بقائه موفدًا آن ذلك لقناة العربية 100 يوم، متنقلاً بين صفوف المرابطين على الشريط الحدودي للمملكة العربية السعودية واليمن، ناقلاً للعالم ما تشهده الجبهات من أحداث مختلفة، تارة يدحض بحسه الإعلامي الشائعات، وتارة ينقل لأبناء الوطن تضحيات إخوانهم في تلك الأماكن، واستذكر حسن الطالعي قصة أول شهيد في عاصفة الحزم، ذلك الاسم الذي خلده التاريخ في صفحاته.
وقال: كنا من الأوائل الذين وصلوا إلى الحد الجنوبي لنقل الأحداث التي تشهدها منطقة الخوبة، أي بعد عشرين ساعة من انطلاق عاصفة الحزم، ووصلنا إلى جبل الدخان الذي كانت تدور فيه الأحداث، وكان لنا السبق المؤلم حينها في نقل خبر استشهاد أول بطل في الحد الجنوبي، وهو الشهيد (سليمان المالكي)، مضيفًا: «وذهبنا للصلاة عليه وحينها نقلنا مراسم استقباله ودفنه، ووجدنا أقرباءه وكافة أبناء قبيلته في أشد الفرح باستشهاده، نعم هنالك حزن ولكن الفخر قد غالب ذلك الحزن، وقد عرف عنه -رحمه الله- حرصه الشديد وإقدامه للذود عن حدود الوطن، بعدها أيقن الجميع أن حب الوطن ليس كلمة تقال، أو مشاعر تنقل بل هو فداءً وافتداء، وقد واصلنا بعدها نقل الأحداث ومجريات الحرب كما نقلت للجميع وعرف بها العالم أجمع.
وفيما يخص الهالة الإعلامية الكاذبة التي كان يتبعها أعداء الوطن قال الطالعي: لقد قابلنا تلك المرحلة بالنقل الصادق وكشف الأكاذيب التي كان يتبعها الإعلام الحوثي ومن يواليه، ومن القصص التي تروى في هذا الشأن، أن الإعلام الحوثي حاول إيهام أهالي المناطق اليمينة المجاورة لمنطقة الخوبة الحدودية، أنه تم إخلاؤها وإجلاء الناس منها، فقمنا بعمل تقرير مضاد يؤكد للسعوديين قبل غيرهم أن هذه المناطق آمنة والناس يعيشون حياتهم اليومية فيها بكل أمن، ويمارسون أعمالهم بكل يسر وسهولة، وكان هدفنا مواجهة الإشاعات بنقل الواقع كما هو، لأن الكذب لا يدحره سوى الصدق، والحمد لله المجتمع السعودي خاصة لديه ثقة عالية في القيادة وفي المرابطين، ولا يمكن أن تمرر هذه الإشاعات عليه، ولكن هناك في الداخل اليمني مع كل أسف يوجد من يتناقل تلك الشائعات وكأنها حقيقة، وقد تم أسر الكثير من الأطفال والمغرر بهم بعد محاولتهم الدخول للأراضي السعودية وهم يتعاملون مع الموقع وكأنه ملك لهم وليس أمامهم إلا القوات الحوثية التي ستسهل عليهم الدخول لما هو أبعد من الحدود السعودية.
وتطرق الإعلامي حسن الطالعي في حكايا المرابطين لقصة استشهاد قائد قطاع حرس الحدود في الحرث العقيد حسن العقيلي -رحمه الله- وكيف عايش تلك الفترة العصيبة من عمر الإعلام الحربي الذي كان يؤمن العقيد حسن برسالته، وكان قائدًا عظيمًا يهتم لكل صغيرة وكبيرة، ويوصينا بتحري الدقة، ونقل الأحداث كما هي، وله في هذا الشأن كلمته -رحمه الله- المأثورة عندما يصرح لأي وسيلة إعلامية التي يقول فيها (كما أتيت هنا لأغطي أحداث عاصفة الحزم سآتي - بإذن الله -، وفي المكان نفسه، لأعلن الأمل وانتهاء العمليات).
وفي الختام وجه الإعلامي حسن الطالعي كلمة لمن لديه من الحضور قريب أو صديق على الحدود الجنوبية قائلاً: أنتم السند الحقيقي لجنودنا البواسل المرابطين على الحدود الجنوبية، وثقتكم بهم تعني لهم الشيء الكثير، وهذا ما تعودوه منا جميعًا حتى إنني أذكر أن إحدى الأمهات حينما استقبلت ابنها الشهيد لم يكن استقبالها له استقبالاً عاديًا، بل استقبلته بالزغاريد الأمر الذي انعكس على الجميع من حولها وعلى معنويات جنودنا البواسل وذويهم في كل مكان من وطننا الغالي.
بعد ذلك استقبل حضور المسرح بالهتاف والتصفيق الجندي محمد العسيري أحد المصابين من أبناء تبوك لثلاث مرات متتالية في الحد الجنوبي، الذي عاد بإصرار مع كل مرة يتماثل فيها للشفاء لميدان الشرف والبطولات، ووقف الجميع احترامًا للجندي العسيري الذي بدأ حديثه بسرد الإصابات التي تعرض لها، وسر إصراره على العودة في كل مرة قائلاً: أصبت والله الحمد دفاعًا عن ديني ووطني وملكي ثلاث مرات ولعل آخرها كانت بتاريخ 10 - 2 من العام الحالي بقطاع جازان، حيث كانت في آخر يوم من نهاية المرابطة الخاصة بالمجموعة لدينا وفي هجوم قوي ومباغت مع الأعداء صباح ذلك اليوم، تعرضت لإصابة بشظية في ظهري ناتجة عن مقذوف وقع خلف الموقع الذي كنت مسؤولاً عن المراقبة فيه وكنت في مواجهة مباشرة مع الأعداء، حيث تم التعامل مع الحدث بما تقتضيه الإجراءات العسكرية واستعاد زملائي الموقع ودحر العدو، وتم نقلي بعدها إلى المستشفى بعد تطهير الموقع مساء ذلك اليوم والآن ولله الحمد أنا أنعم بعافية وصحة ومازلت مستمرًا في تأدية واجبي الوطني.
وعن كيفية تلقي ذويه لأخبار إصاباته المتكررة، إضافة إلى رغبته بعد التماثل للشفاء للعودة مع زملائه قال: من المعتاد أنني لا أبلغهم مباشرة إلابعد استفاقتي بالمستشفى، وهم أكثر الناس تشجيعًا لي، ولكن هذه المرة أحست زوجتي قبل أن أبلغها، حيث اتصلت بي في نفس توقيت إصابتي ولم استطع الرد عليها، ولكن بعد تكرار اتصالاتها طوال النهار اضطررت أن أرد عليها وأنا داخل الإسعاف الأمر الذي زاد من خوفها وفرحها بسماع صوتي في آن واحد ولكنني أشرت إلى أن ما تسمعه هو صوت إسعاف أقف إلى جانبه ولست مصابًا أبدًا، وبعد أن وصلت المستشفى وتمت العناية بي عاودت الاتصال بها وإخبارها وأخي الذي كنت معه في موعد مسبق للذهاب إلى مكة، وزوجتي هي أول من يفرح بعودتي إلى ميادين العز، ولا تناقشني في ذلك أبدًا ففي كل مرة أعاود فيها لإكمال مشواري لا أسمع منها سوى الدعاء لي والرضا بكوني أقدم واجبي العسكري على الوجه المطلوب.
وحول سر عودته الدائمة للعمل في ظل ما تعرض له من إصابات أكَّد العسيري أن ذلك يعد واجبًا وطنيًا، وما دام يتنفس هواء هذا الوطن الأبي لن يتوانى عن الدفاع عنه حتى آخر لحظة من عمره.