الجزيرة - أحمد المغلوث:
من منا من لا يحب الإجازة. وجميعنا يعلم علم اليقين أن الإجازة تعني الراحة والاسترخاء. والانطلاق والمرح بدون قيود دوام أو عمل أو حتى التزامات دراسية أو ارتباطات عمل. حول الإجازة دار بين كاتب هذه «الإطلالة» وبين مجموعة من المعارف بينهم الأكاديمي والتربوي والتاجر ورجل الأعمال. جمعنا حفل عشاء على هامش توقيع رجل الأعمال لمناقصة عمل. عندما راح التاجر يشكو من إفراط أولاده المراهقين وحتى الصغار من مواصلتهم السهر طوال ساعات الليل حتى بعد شروق الشمس من كل يوم ثم بعد ذلك يخلدون للنوم ولا يستيقظوا إلا في وقت متأخر مما أثَّر على مواعيد تناول طعامهم لوجبة الفطور والغداء وهم على هذه الحالة اليومية منذ العطلة المدرسية. الأمر الذي بات يزعجه مع والدتهم. خاصة والإجازة المدرسية طويلة..
أجهزة التقنية
عندها قال له رجل الأعمال: لست وحدك في هذه المعاناة عجزت عن ثني أبنائي وبناتي عن السهر طوال الليل؛ فهم منذ أول يوم للعطلة الصيفية وهم على هذا ألحال كل واحد الذي يمسك «آيباده» أو هاتفه الذكي. وهناك من هو يواصل لعبه مع أصحابه في داخل المملكة وخارجها ولا يذهبون إلى النوم إلا بعد تعبهم، وأكثر من مرة أرغمناهم بالقوة على النوم ولكن بمجرد تأكدنا أنا ووالدتهم أنهم في أسرّتهم نفاجأ بعودتهم لممارسة ألعابهم وتصفحهم لبرامجهم في أجهزتهم التقنية. ويضيف صدقوني يا إخوان تعبنا معهم. حتى واحد منهم خبيث رد على والدته عندما احتدت معه طالبة منه التوقف عن اللعب بالبلايستيشن. أمي رجاء لا تعنفيني هكذا قال لها! لقد انتهى عهد العنف اللفظي والجسدي..؟
إرادته ورغباته
عندها قاطعه التربوي قائلاً: لدي اثنان من الأبناء أحدهم في سن المراهقة والثاني لم يتجاوز الثامنة. المراهق لاحظت أنه يكثر من السهر في بيت عمه وأحياناً ينام لديهم. بحجة أن لديهم أجهزة تقنية ألعاب لا تتوافر في بيتنا. ولم أصدق خبر قمت بشراء مثل الجهاز الذي في بيت عمه حتى لا يبرر لنا غيابه وسهره خارج البيت على الرغم أنه يسهر في بيت شقيقي. لكن وجوده في بيتنا وتحت نظرنا أنا ووالدته جعلني لا أتردد من توفير ما يرغب فيه ومع هذا استسلمنا لإرادته ورغباته وحتى سهره مع ألعابه الإلكترونية. صحيح أنه يواصل السهر حتى الفجر. لكنه قريب منا وتحت نظرنا أفضل من أن يكون خارج البيت حتى ولو كان في بيت عمه أو أقاربه.. وحتى اليوم أحاول أن أغريه بالاهتمام بالقراءة والاطلاع كما كنا نفعل عندما كنا في عمره. لكن لا حياة لمن تنادي.. وأضاف تصدّقون لقد قطعت عليهم استمرارهم باللعب والسهر عندما قرّرنا السفر إلى جنوب المملكة لقضاء أيام في ربوع الجنوب وسط الأجواء الباردة ولتغيير روتيننا اليوم.
استغلال الإجازة
أما صديقنا التاجر فقال: لقد تغيّر الزمن. كنا نسهر على قراءة الكتب والروايات أو نمارس ألعاباً شعبية أو تقليدية. أما اليوم فالأبناء لهم عالمهم الجديد. والتقنية بالتالي خطفتهم منا جميعاً. صدقوني يا جماعة الكل يشكو من هذه الظاهرة. وكان من المفروض أن تستغل الإجازة المدرسية وأنا شخصياً حجزت إلى دولة أوروبية مع الأبناء لقضاء جزء من إجازتهم لدراسة اللغة الإنجليزية ولتعزيز قدراتهم فيها. وفي ذات الوقت نتمتع بأجواء باردة بدلاً من الحرارة التي كسرت الخمسين.
وماذا بعد كانت فكرة التاجر فكرة معقولة وعملية لكن ليس كل مواطن لديه القدرة المالية على السفر للخارج أو حتى إلى داخل المملكة. وها هي هيئة الترفيه تنافس هيئة السياحة والآثار في تقديم حزمة متنوّعة من البرامج والفعاليات خلال صيف هذا العام كذلك يا ليت تُقام في مناطق الأحياء مراكز نموذجية تشتمل على مختلف الأجهزة التقنية. والألعاب ومكتبة متكاملة. فهذه المراكز سوف تستقطب الشباب وتعودهم على ممارسة ألعابهم وحتى هواياتهم داخل منظومة متكاملة ومفيدة وقريبة من بيوتهم وتحتوى الأبناء خلال إجازتهم وتبعدهم عن الالتصاق شبه الدائم مع أجهزة التقنية.. فهل نفعل..؟