سعد الدوسري
هل يمكن لإنسان يملك ذرة من العقل، ولو ذرة صغيرة، أن يهاجمَ أخلاقيات قاطني المبنى الذي يسكن فيه؟!
المنطق يقول؛ إذا كنت غير راض عما يدور في المبنى، فغادره. أما إذا أنت راض، فتوقف عن هجومك له، لا أحد يهاجم نفسه. أنت لا تستطيع أن تضحك على الناس، في محاولتك نيل رضاهم كلهم. يجب أن تصطف في الصف الذي يتلاءم مع موقفك الذي أعلنته. إذا كنت تحارب الاختلاط المحلي، فلا تختلط خليجياً وعربياً وتركياً. إذا تدعو للزهد، فلا تتنافس مع زملائك في اقتناء السيارات المليونية. إذا تؤيد السفر لدول الخارج، فلا تعل قلوبنا بسناباتك الأوربية. إذا تحارب الابتعاث، فلا تجعل أبناءك في مقدمة المبتعثين للولايات المتحدة الأمريكية. سهّل الأمر على نفسك، وعلى من يتابعونك. لا تبدو بوجهين بشعين أمامهم. كن نفسك، فأنت لا ترتكب إثماً ولا محرماً. تصالح مع ذاتك، ودع عنك الهوس بالمريدين والأتباع، فهؤلاء هم أول من يسخرون منك ويتندرون بك.
الكثيرون يستغربون، لماذا لا يقتدي مثل هؤلاء الأشخاص بالرموز الواضحة والمتسامحة؟! لماذا يصرون على الظهور بمظهر المدافع المتشدد عن قيم الدين، والدين نفسه يأمر بالمرونة؟! أيظنون أن الناس لا يزالون في زمن أشرطة الكاسيت؟! ألا يدركون أن خصوصيات رؤساء الدول صارت مهددة، فكيف بخصوصيات من يتناقض في العلن وأمام الملأ؟!
إن اللعب «السيركي» بنار القيم الدينية والوطنية، لن يحرق سوى اللاعبين، وربما سيحرق خيمتهم أيضاً.