رقية سليمان الهويريني
يخطئ من يتوقع أن اليوغا هي رياضة هدفها الحصول على قوام ممشوق، أو أنها حركات غامضة تناقض مفهوم الرياضة التي تعتمد على الحركات السريعة في شكلها! والواقع أن اليوغا في جوهرها ممارسة تحدث تحسناً في صحة جسم الإنسان وعقله، وهي أشبه ما تكون باتباع نظام غذائي متوازن وبرنامج لياقة بدنية.
تقول إيفانا بوريك، الباحثة الرئيسية في معمل المخ والمعتقد والسلوك بجامعة كوفنتري:»إن الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم يتمتعون بالفوائد الصحية للتداخلات في العقل والجسم مثل اليوغا أو التأمل، ولكنهم ربما لا يدركون أن هذه الفوائد تبدأ على المستوى الجزيئي، ويمكن تغيير الطريقة التي تعمل بها شفرتنا الوراثية».
وفي حالة الشعور بالإجهاد أو التوتر ينتج الجهاز العصبي جزيئاً يسمى كيميائيا(NF-kB) الذي ينظم طريقة تعبير الجينات، مما يجعل إفراز البروتينات الالتهابية باستمرار على المدى الطويل يستنفر جهاز المناعة، فيسبب أضراراً شديدة للجسم، وهذه العملية قد تكون مفيدة في المواقف الصعبة، إلا أنها مع الاستمرار قد تؤدي للخلل، كزيادة الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب وتسارع الشيخوخة أو الإصابة بالسرطان. وقد خلصت إيفانا في أبحاثها الأخيرة إلى أن الحد من إنتاج جزيء (NF-kB) من خلال ممارسة الأنشطة الذهنية يقلل من ردود فعل الإجهاد الالتهابي ويحسن الأداء.
وبناء على تلك النتيجة؛ فإني أجزم أن التداخلات في الجسم والعقل معاً بالصلاة والذكر والتأمل وتنظيم التنفس يمكن أن تغير أو تؤخر الالتهابات الجينية الناجمة عن الإجهاد والضغط النفسي المستمر الذي يتعرض له المرء، مما يجعل اليوغا خياراً جيداً لجعل المرء أكثر صحة وشباباً وسعادة، وأقل توتراً.
وفي هذا العصر الذي تعج الحياة فيه بأنواع متعددة من الضغوط والإجهاد، يتطلب الأمر بعض الممارسات الذهنية والجسدية، لذا فممارسة التأمل والتنفس بعمق عدة مرات ليست مضيعة للوقت، ويمكن مزاولتها بعد كل صلاة، حيث إنها استثمار في الصحة والعقل.