رجاء العتيبي
دولة قطر ماذا يضيرها لو أنها اهتمت بالتنمية وبناء الإنسان القطري؟ ماذا يضيرها لو أنها عقدت شراكات وتعاون مع محيطها الخليجي والعربي؟ ماذا يضيرها لو أنها رفعت من شأن مواطنيها بدلاً من التجنيس؟ ماذا يضير الحكومة القطرية أن تكون ظلاً وارفاً من الأمن والأمان، وأن تصدر الحب والسلام للعالم؟
الحكومة القطرية يمكنها فعل ذلك، يمكنها أن تكون مشعل علم وحضارة، ولكنها - للأسف الشديد - اختارت الطريق الخطأ، اختارت أن تكون أرض قطر (ينبوعاً) للإرهاب منذ أن اعتلى (الأب حمد) الحكم قبل 20 عاماً، كان اختياراً مجنوناً، وتبعه (الابن تميم) في ذلك فاكتمل مشوار من العنف والدمار طال دولاً خليجية وعربية.
تاريخياً انبنت لقطر دولة فتية، غنية بالزيت والغاز، وما زالت كذلك، ولكن الثروات الطبيعية تحتاج إلى عقول واعية تعرف دورها الحقيقي في بناء البشرية، أما أن تتحوّل الحكومة القطرية إلى أيد خفية تصافح الأعداء والمنظمات الإرهابية وتسعى إلى تقويض العالم العربي، فإن ذلك ينبئ عن سوء نية ممن يديرون دفة الحكم هناك.
في التاريخ القريب انبنت (دولة) لطالبان في أفغانستان العام 1996 م على أنقاض حروب دامت سنوات، وبعد أن تمكنت من السيطرة على مقاليد الحكم، بدأت بإثارة حروب خارج الحدود واستعدت العالم على نفسها، أدت في نهاية المطاف إلى انحسارها إلى حيث أتت، إلى الجبال والمزارع والمخابئ.
ماذا كان يضير حكومة طالبان لو أنها بنت الإنسان الأفغاني الذي أهلكته الحروب والمزايدات ذات الشعارات الدينية؟ ماذا يضيرها لو أنها استخرجت من الأرض ماءً عذباً وسقته إياه؟ وعلمته وعزته وطورته ورفعت من شأنه؟
يمكننا طرح مثل هذه الأسئلة على حكومة: صدام حسين، ومعمر القذافي وستالين وهتلر... أسئلة مليئة بالتعجب والاستنكار والحسرة والألم، لا تعرف لماذا هؤلاء الحكام آثروا سلوك (الشر) على سلوك (الخير)؟ لا تعرف لماذا تشيطنوا وصافحوا كل شيطان؟!
بالتأكيد أن حكومة قطر لم تدرس التاريخ جيداً، أخذتها العزة بالإثم عن أن تقرأ عن الذين هلكوا بسبب تدويل الإرهاب، في حين لا أظن أن الحكومة القطرية سمعت عن: النموذج السنغافوري والماليزي، والسويسري.... وإلا لكانت حكاية أجمل.
قطر دولة شقيقة جزء من كياننا، جزء من تاريخنا، تجمعنا بشعبها الوفي أواصر من القربى والصداقة والمصالح المشتركة، ما كان ينبغي أن يحصل كل ما حصل، ولا أن تستبدل الأسرة الحاكمة هناك شعبها الأصيل بشعوب أخرى من وراء البحار.
والمقاطعة ليست سوى (عتاب) شديد لشقيقة أخطأت بحق نفسها وجيرانها والعالم، بهدف أن تعود إلى رشدها، اتخذت الدول الأربع (المقاطعة) من منطلق سيادي ووفقاً للقانون الدولي.