فهد بن جليد
ينتظر المثقفون العرب -غداً- من المُحيط إلى الخليج، انطلاق فعاليات سوق عكاظ في دورته المُختلفة والاستثنائية الحادية عشرة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- كأحد أهم الأحداث الثقافية العربية، التي بقي العرب يفتخرون بها وتحتضنها المملكة حاملة لواء الإبداع والثقافة والأمل، رغما ما يعصف بعالمنا العربي من صعوبات وحروب وأخطار، وذلك من أجل حفظ تاريخنا العربي والإسلامي المجيد واستذكاره لتفتخر به الأجيال المُقبلة، وتستعيد مكانتها الحضارية اللائقة بين الأمم.
هذه الدورة تُشكِّل تحدياً كبيراً ليس لهيئة السياحة والتراث الوطني وحدها - بعد أن تم إسناد الإشراف على سوق عكاظ إليها - بل لكل مُثقف عربي ومُسلم، يتطلع لليوم الذي يتم فيه تسجيل سوق عكاظ ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو، كأحد أهم المعالم التراثية والتجمعات البشرية الإبداعية والثقافية والتجارية التي عرفها العرب والإنسانية التي يعود تاريخها إلى ثلاثة أو أربعة قرون قبل الميلاد، وحافظ على -مكانه ومكانته- حتى صدر الإسلام، وقد زاره النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعيد إحياءه في الألفية الجديدة بجهود مشكورة ومُقدَّرة للأمير المُبدع خالد الفيصل الذي أشرف شخصياً بكل نجاح على هذا التجمع الثقافي العربي في السنوات الماضية، وسلم الراية للأمير سلطان بن سلمان ليكمل مسيرة تطوير هذا الحدث التراثي والثقافي الكبير، مما يجعلنا ننتظر مزيداً من الإبداع والتطوير الذي تعودنا عليه من هيئة السياحة والتراث الوطني، ولعل أول هذه الخطوات توثيق هذا السوق وتسجيله ضمن قائمة التراث الدولية المُعترف بها عالمياً.
هذا السوق يستحق ما ينتظره من تطوير مُرتقب على يد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وفي إطار برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، بعد أن تم إقرار مبادرة سوق عكاظ ضمن مُبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني، وهو ما يعني عملياً انطلاق خطوات تطويرية كبيرة مُنتظرة، بحزمة من المشاريع الرائدة والمُستقبلية، لنشهد ولادة مدينة عكاظ، وجادة المُستقبل، وجادة الثقافة، والنزل الريفية - وغيرها من المشاريع - التي كشفت عنها هيئة السياحة والتراث الوطني، والجميل هنا هو فتح المجال أمام القطاع الخاص للمُشاركة في استثمار هذا السوق طوال أيام العام، ما يؤكد الجدية في تحويله من رمز عربي نستذكره سنوياً، إلى حدث عالمي يومي يزوره السياح طوال أيام السنة، كونه يحفظ جزءاً وحقبة زمنية هامة ورائدة من تراث الإنسانية وحضارتها وتاريخها..
وعلى دروب الخير نلتقي.