إبراهيم الطاسان
تميزت اللغة العربية ببحر واسع من المرادفات التي يمكن توظيفها لتدل على المعني.. وبعضها يعتبر في حاضرنا، وربما في خاضر أجيال بعيدةً قبلنا.. من الغريب في اللغة مثل (خيتعُور، والدَآليل) يقول الكميت الأسدي:
من اٌلْمُصْمَئِلاتِ الدآليل قد بدا
لذي اللب منها برقها المتخيل
ومن معاني الخيتعور في المعاجم: السراب، والداهية، والغول.. وهو عندي أحلام يقظان لم ينشر الأسباب.. كما وأن الدَآليل ومفردها دُؤْلولُ تعني المصيبة وكل مكروه. ليست الغرابة في هذه المفردات الغريبة في اللغة العربية الدالة على الدواهي والمصائب، إنما الغرابة أن يكون بيننا وفي عصرنا، غريب تحيط به المصائب والدواهي من كل ناحية ولا يحسن إدراك ما يحيط بحاضره ومستقبله.. وكأنه لبس الجهل في معرفة أن لمفردة (داهية) لا تعني إلا وصف الرجل الحكيم المتبصر.. فظنها دائماً وفي كل سياق تدل على العقل وجودة الرأي والبصيرة في الأمور.. ونسي أو لم يدرك أن الداهية: بلية، ومصيبة شديدة.
السلطات القطرية ومن خلال إعلامها والمتحدثين بجانبها تبين أنها تلقت بيان الدول العربية الأربع المقاطعة لها باستهزاء وعنجهية لبست لها ريش الطاووس، وهي تحلل البنود الستة التي حددها البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع في القاهرة بتاريخ 11-10-1438هـ. فقد تحدثوا من موقع الناقد للبيان وما فيه، وهم غير مدركين أنهم يؤيدون جزم الدول الأربع المقاطعة لقطر، أن قطر تمارس الإرهاب بصور مختلفة برفضهم لمضمون البيان، حيث إن بنود البيان الستة أجملت الثلاثة عشر بنداً الممهلة بمدة عشرة أيام. فالبيان طالب محاربة الإرهاب، ومنع احتضانه وتمويله، ومكافحة التطرف بكل صورة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
سمعنا من الواقفين يجانب تصرفات قطر، وهم في موقع نقد لمواقف الدول العربية الأربع، يقررون بالرفض لمواقف الدول الأربع دفاعاً عن ممارسة قطر للإرهاب، كنهج وسياسة معتمدة لا يجوز الاعتراض عليها.. البيان تضمن ضرورة تنحي قطر عن ممارسة الإرهاب أو تأييده ودعمه بأي من الصور، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وذلك أنهم لم يقروا أن طلب الدول الأربع إن كان واقعاً طلب لا اعتراض عليه.. لا بل انتهجوا منهجاً مختلفاً في كل حواراتهم التي شاهدناها، مفادها أن هذه الطلبات تدخل بالشأن الداخلي لقطر. ليت بين المدافعين عن منهج قطر من يملك شجاعة الرجال فيقول لنا على أي من قنوات قطر ماذا يرى ويعتبر في الحديث المسجل بين شيخ قطر حمد بن ثاني ووزير خارجيته مع القذافي عن إثارة الفتنة وتقسيم السعودية؟.. أتحدى شجاعة الرجال في أي واحد منهم أن يفعلها.
الغريب في اللغة يدوم بالتدوين، والغريب من المواقف السياسات تذهب به دواهي العواصف.