د. فهد صالح عبدالله السلطان
لا أريد أن أظهر بمظهر المتشائم، ولكن الدلائل والمؤشرات تفيد بأن قطاع الأعمال لدينا سيواجه تحديات متعددة، وأن من الحكمة والعقلانية أن يتم التسليم بذلك من قِبل الحكومة حتى تقوم بمساعدة القطاع على مواجهة المستجدات، ومن قِبل الشركات ذاتها لأخذ العدة والاستعداد، وصياغة استراتيجية التحول والمواجهة، بما في ذلك إعادة الهيكلة، ومراجعة خطط العمل الاستراتيجية والتشغيلية. كثيرة هي التحديات التي يتوقع أن تواجهها شركاتنا المحلية في قادم الأيام، خاصة في ظل تراجع الطلب وكثرة المنافسين وارتفاع تكاليف الإنتاج وما يعرف بالتجارة الإلكترونية وسوق الفضاء... إلخ. المتتبع لما يجري في قطاع الأعمال العالمي يلاحظ أيضًا أن تحديات المرحلة واجهت الشركات العالمية، وانقسمت تجاه تلك التحديات إلى مجموعتين: مجموعة تجاهلت أو جهلت التحديات والمستجدات؛ ومن ثم وقعت في فخ العولمة ورياح التحولات الاقتصادية؛ وسقطت أو أنها في الطريق إلى السقوط. وأخرى قرأت جيدًا ظروف الفترة ومستجداتها؛ وتسلحت بشيء من الشجاعة، وخرجت عن نمط عملها المألوف؛ وانتصرت على عادة التشبث بالماضي وعلى الأداة الإدارية التقليدية لديها حينما أعادت هندسة مفهوم العمل وآليته لديها، واتخذت الإبداع والابتكار منهجًا وأسلوب عمل حتى خرجت إلى بر الأمان.. بل إن البعض منها خرج بثوب جديد، وتمكَّن من تحويل التحديات إلى فرص على نظرية الاقتصاديين: الفرص تولد من رحم الأزمات.
المهم هنا هو كيف نستفيد من تجربة الشركات الرائدة التي تمكنت من تحويل التحديات إلى فرص؟ والأهم هو أن تأخذ استراتيجية التحول الوطني ورؤية 2030 بعين الاعتبار، وتعمل بشكل مهني على مساندة قطاع الأعمال على التعامل مع تحديات المرحلة، وذلك بأسلوب استرشادي وما يعرف بالاقتصاد التأشيري، أو التخطيط الاقتصادي المختلط بحيث يتم مساعدة القطاع على محورين: الأول: قراءة وفهم مستجدات المرحلة وتحدياتها والفرص المتاحة وتوجهات الحكومة حيالها؛ حتى تتمكن مؤسساتنا المحلية من صياغة استراتيجياتها بشكل مهني. الثاني: تمكين ودعم القطاع الخاص ومساعدته لتجاوز تحديات المرحلة، خاصة أنه مساهم رئيس في الاقتصاد الوطني؛ إذ تراوحت مساهمته في الناتج المحلي خلال العقدين الماضيين بين 45 - 58 %. ونظرًا إلى أنه الذراع الرئيسة للتنمية الوطنية ولتوظيف القوى العاملة فإن تراجع أدائه سيكون له ثمن باهظ على أداء الاقتصاد الوطني بشكل كامل، وعلى تحقيق الرؤية لأهدافها المرسومة.
في الخميس القادم - إن شاء الله - سوف نناقش بعض المقترحات التي من شأنها مساعدة القطاع الخاص على مواجهة تحديات الفترة ومستجداتها، بل تحويلها إلى فرص.