د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن الجوانب الإيجابية لمقاطعة المملكة وحلفائها لقطر، وهو القرار الصعب، الذي لم يتخذ إلا بعد أن يئست دول التحالف من تغيير قطر لسلوكها وسياساتها التحريضية والمتناقضة، وأؤكد دوما على أنه لا توجد دولة حريصة على وحدة الخليج أكثر من المملكة، ولم تتخذ قرار المقاطعة إلا بعد أن وصلت إلى قناعة بأن هذا هو الحل الوحيد، وعندما تتخذ دولة بحجم المملكة قرارا كبيرا كهذا، وتقدم الأدلة والبراهين على دعم قطر للإرهاب، فإنه لا يمكن لعواصم العالم الهامة إلا أن تتعامل مع الأمر بمنتهى الجدية، وهو ما حدث.
قطر تدعم معظم الجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا والعراق وغيرها، وهذا لم يعد سرا، ومن إيجابيات المقاطعة، أننا شهدنا تحرير مدينتين عربيتين، كانتا خاضعتين لسيطرة الجماعات الإرهابية، أي بنغازي في ليبيا، والموصل في العراق، ولا يمكن لأي معلق أن يتجاوز الربط بين تحرير هاتين المدينتين، وبين قرار مقاطعة قطر، إذ يتضح أن قطر، وبعد أن تمت مقاطعتها، وأصبحت تحت المجهر، توقفت عن دعم جماعات الإرهاب، التي كانت تسيطر على بنغازي والموصل، كما كان لافتا ما صرح به أحد زعماء عشائر العراق، بخصوص دعم قطر للجماعات الإرهابية في العراق، فقد صرح الشيخ أحمد أبو ريشة بأنه تم القبض على بعض مقاتلي داعش، واتضح أنهم يحملون جوازات قطرية، وذكر أبو ريشة أن الدواعش اعترفوا في التحقيقات بأن قطر هي من يدعمهم لوجستيا وماليا، ولهذا طالب بوجوب رفع قضايا ضد قطر، ومطالبتها بدفع تعويضات مالية، جراء ما ارتكبته جماعات الإرهاب المدعومة من قطر في العراق، ولا زالت دلائل دعم الإرهاب تتراكم ضد قطر، منذ بدء المقاطعة!.
من محاسن قرار المقاطعة، أيضا، هو أن قطر أصبحت تنفذ سياساتها التخريبية علنا، بعد أن كانت تتذاكى وتفعلها بطرق ملتوية وغير مباشرة، ومن ذلك حربها الإعلامية على المملكة والإمارات ومصر، فما كان يقال وينشر في وسائل إعلام خارجية محسوبة على قطر، أصبح يقال علنا من منبر قناة الجزيرة، وغني عن القول أن تطابق المحتوى الإعلامي بين قناة الجزيرة ووسائل الإعلام التي تدار من الخارج، أثبت ملكية ودعم قطر لتلك المواقع المشبوهة بشكل قطعي، ويمكن القول بأن إطالة أمد الأزمة سيكشف المزيد عن تورط قطر بدعم الإرهاب والفكر المتطرف، وهذا يعني أنه ربما سيكون من صالح قطر أن ترعوي وتعود إلى رشدها وتخضع لشروط المملكة وحلفائها، لأن إطالة أمد الأزمة ليس في صالحها على الإطلاق.