الاحترام هو أحد الخصال التي يتميز بها الإنسان وهي من أهم القيم الحميدة التي يتمناها كل الناس، والاحترام لا يُبنى على المنصب والجاه واللون والشكل والقبيلة والمال والسلطة والوظيفة بلْ يبنى على احترام الذات وتقدير الآخرين والمواقف التي يقدمها، ويبنى على الثقة بقدراته وتطلعاته هذا التوجه للأسف مغاير للواقع في كثير من الأحيان انقلبتْ الموازين ورجحت كفّة غير الواقع وأصبحتْ واقعاً ملموساً نرفضه لكن البعض يعيشه ويتمتع ويُجبره واقعه على اللجوء إليه لكن في حدود المعقول والمنطق وهل هناك من يؤمن بهما.
لا تعطيه أكبر من حجمه والأشجار تموت من كثرة الماء والبالون ينفجر في وجهك حين تنفخه أكثر من حجمه. هل نُعطي الآخر أكبر من حجمه ألا نخاف أن ينفجر ويحطم كل شيء كلاّ لنْ يكون كذلك إذا كان كذلك أما إذا كان عكس ذلك فالانفجار حتماً مصيره فهو لا يستحق أن تعطيه أكبر من حجمه من الاحترام والتقدير فهو لا يقدر ذلك وربما يجهلْ ماذا يفعل.
نتفاجأ أحياناً إننا نعطي إنسانا أكبر من حجمه فيظن نفسه كذلك ونضعه في مكانة مرموقة في حياتنا وفي قلوبنا فينكسر عوده وتغوص رجله في الرّمل ويعرف حقيقته التي كان يتخيلها عكس ذلك حين يرى من حوله يهتمون به. تنكسر ثقته بنفسه ويتمرد على ذاته حين تنقشع سحابة الصيف التي يتأمل المطر والعشب هكذا هو الإنسان الذي يعرف نفسه وحجمه. أقتبس (هناك أشخاص حتى عندما يكون مزاجهم سيئا يحدثونك بأدب هؤلاء فعلا من يستحقون الاحترام). ويتواضعون في حجمهم الذي يراه أقل من حجمه.
ولا يقتصر الحجم على الإنسان بلْ على المشاكل وما نوجهه في تفاصيل حياتنا هناك من الناس من يجعل من الحبة قبة أي يجعل من الأشياء الصغيرة شيئا كبيراً لا قيمة لها أو أنها تستحق قيمة أقل مما أعطيتْ. وبالعكس هناك من يستخف بحجم المشكلة ولا يعطيها حجمها فيقع في شِراك الشبكة التي تأخذه في حسابات اللامعقول والمعقول والعاقل من يزِن ما يوجهه في ميزان أعطي كل حجمٍ وزنه. ومن الطبيعي حين تعطي إنساناً أقل من حجمه أن يرحلْ ويتركك ويبعدك من حساباته فأنت لا تعرف كيف تتعامل مع من يستحق ومع من لا يستحق.
لستُ أدري ما هي مشاعر من يعطيه الناس أكبر من حجمه فهو يعرف أنه أصغر مما أعطي لكنه يُمني النفس بما لا تستحق. حتماً إنه يملك مشاعر متناقضة وغير متناغمة وربما تصيبه بدوار خيبة الأمل، الأمل الذي افتقده أن يكون كذلك وما أصعب أن تكون كذلك إن لمْ تستحق ذلك فالاستحقاق يستحقه من يستحق أن يكون. عتبي على من يعطي الآخر أكثر مما يستحق فهذه قمة النفاق الاجتماعي الذي هو جزء من تصرفات البعض في المجتمع.
مشاعرنا أغلى ما نملك في هذه الدنيا فلا تعطيها بإسراف إلا من يستحق وأنت تعرف من يستحق ومن لا يستحق وكنْ واقعيا في البوح في مشاعرك فيستخف بك من لا يستحق. أقتبس (في بداية أي علاقة تظهر المشاعر، وفي نهايتها تظهر الأخلاق.) - نجيب محفوظ