ميسون أبو بكر
مهرجانات سنوية تقام عربية وعالمية وسعودية، منها ما عمره تجاوز عشرات السنوات، ومنها ما توقف لظروف أمنية وسياسية عاثت بمنطقته، ورغم هذا بقيت ذاكرته تنبض في مخيلتنا وبقي صداه مدوياً يقرع في عالم النسيان.
المهرجانات شعرية أو ثقافية أو سياحية أو تراثية، وقد يكون منها ما يجمع كل ما سبق، فمهرجان الجنادرية تحول فيه الحرس الوطني لحارس للتراث والثقافة، وقفز منذ كان فتيا من النطاق المحلي للنطاق العالمي بالأسماء التي حضرت فيه والفعاليات المختلفة والمحاضرات وضيوف الشرف من كل أنحاء المعمورة، ومهرجان جرش في الأردن استطاع أن يكون مهرجاناً للشعر والفن والغناء، تعثر حيناً ونجح أحياناً في محاولة حثيثة للصمود والمحافظة على البقاء، وجعل الأردن وجهة سياحية خلال المهرجان الذي ينعقد كل صيف، فاتحاً بوابات جرش لقوافل الرقصات الشعبية من كل العالم، وعلى حناجر المطربين الذين يتوق الجمهور لصحبتهم تحت سماء عارية وبين أعمدة الرومان التي تذكر بحضارتهم، حيث إلى يومنا هذا لا تزال الشوارع معمدة، والحمامات والمسارح والساحات العامة والأقواس في حالة استثنائية داخل أسوار المدينة الباقية والتي تنتعش بمهرجانها السنوي.
وأنا على وشك إرسال هذا المقال إلى الصحيفة، كنت أحضر لرحلة الصباح المتوجهة من الرياض إلى الطائف لتلبية دعوة سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لحضور حفل افتتاح سوق عكاظ في نسخته الحادية عشرة، ما زلت أذكر السنوات الأولى لمهرجان عكاظ وأتابع بشوق ما آل إليه وكل الجهات المشاركة فيه، والفائزين بجوائزه المتنوعة في الشعر والفن التشكيلي والخط العربي ، كذلك مسرحياته المشوقة وشخوصها القادمين من أروقة التاريخ، وشعر المعلقات وجادته ومحلات الحرف والأكلات الشعبية، والكثير الذي يضيق المجال بالإشارة إليه.
لحظة انطلاق هذه السوق كان تاريخياً وإحياؤه في عهد الملك عبد الله - رحمه الله - بعد ألف وثلاثمائة عام، وبمتابعة وإشراف الأمير الشاعر خالد الفيصل آنذاك ، أحد عشر عاماً عمر هذه السوق التي زرتها لآخر مرة قبل أربعة أعوام، وكان لي الشرف أن أحضر اجتماع سمو الأمير بالمثقفين القادمين من مناطق المملكة، كما ضيوفها العرب وسعادة السفراء الذين لم تغفل هيئة السياحة والآثار دعوتهم، وها أنا اليوم أتوق لزيارة السوق الشعرية التاريخية التراثية والتي تعيد للمكان تاريخه وللأذهان رموزنا الشعراء، من النابغة الذي كان يعقد قبته في المكان إلى الخنساء، وتعاكظ الشعراء في مواسم التجارة.
الجهة المنظمة هذا العام هي الهيئة العامة للسياحة والآثار، وكلنا يتطلع لاستراتيجية جديدة تجدد دماء السوق بعد عقدها الأول، وتنوع في المدعوين من داخل وخارج المملكة، ووجود ما يشوق الشباب من فعاليات ويجعلهم شركاء فيها، كما تخطي ارتباك التنظيم الذي أثار جدل المدعوين هذا العام.
لا بد هناك الكثير مما سأكتبه لكم لنقل المشهد وكل جديد، ولأنّ مقالاتنا سبيلها أنتم والمسؤول الذي يتلقانا بصدر رحب، فالإعلام شريك أساسي في رؤية البلاد وصلاح العباد.