«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
طفرة صناعية جديدة بدأت تلوح في سماء المملكة، فقد ارتفع عدد المصانع المنتجة من 5829 مصنعًا عام 2010 إلى نحو 7746 مصنعًا في نهاية عام 2016، بزيادة قدرها 1917 مصنعًا أو ما يعادل 33 في المائة .. أما الشيء اللافت الذي يحث على التفاؤل فهو الزيادة التي حققها عدد المصانع المنتجة في عام 2016، عن مستواها في 2015، حيث بلغت هذه الزيادة نحو 549 مصنعًا، بمعدل نمو 7.6 في المائة .. وهي بداية تحرك حقيقية لقاطرة التنمية في سياق رؤية 2030.
وعلى الرغم من أن المراقب لتطور الأداء الصناعي قد يعتقد أن عدد المصانع ينمو بشكل متدرج وطبيعي خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن حقيقة الأمر أن طفرة هائلة لحقت برؤوس أموال المصانع الجديدة المنتجة خلال السنوات الست الأخيرة (2010-2016)، فقد ارتفع عدد المصانع المنتجة بنسبة 33 في المائة، في حين ارتفعت رؤوس أموال المصانع المنتجة بنسبة 99 في المائة، أي بمقدر ثلاثة أضعاف الزيادة في عددها.
وارتفعت رؤوس أموال مصانع المملكة (باستثمارات وطنية وأجنبية ومشتركة) من نحو 560 مليار ريال في 2010 إلى نحو 1113 مليار ريال في 2016، وهو ما يعني أنها طفرة مهولة وغير متوقعة لنمو رؤوس أموال هذه المصانع التي أنشئت خلال السنوات الأخيرة تحديدًا.
أيضًا شهدت المصانع الجديدة قوة كبيرة في طلبها على اليد العاملة، حيث ارتفعت أعداد العمالة بالمصانع بنسبة 57 في المائة خلال هذه الفترة.
وجدير بالذكر أن أرقام هذا التقرير تعتمد بشكل كامل على أحدث احصاءات صناعية صادرة عن وزارة الطاقة والصناعة السعودية على موقعها على الإنترنت.
هذا وتسهم منطقة الرياض على الدوام بنسبة 40 في المائة من إجمالي عدد المصانع المنتجة بالمملكة، ولكن تسهم المنطقة الشرقية بنسبة مقدارها 62 في المائة من إجمالي رؤوس أموال المصانع المنتجة.
إلا أن قياس الطفرات الصناعية المقبلة عادة لا يكون اعتمادًا على الأرقام الفعلية للمصانع المنتجة بقدر ما يكون بتحليل الأرقام المتوقعة لهذه المصانع في المستقبل، التي تقاس بالتراخيص الصناعية أو على الأقل بالمصانع تحت الإنشاء.
فقد بلغ عدد المصانع الجديدة تحت الإنشاء خلال عام 2016 نحو 677 مصنعًا، برؤوس أموال نحو 20.5 مليار ريال، تتركز في منتجات المعادن والفلزات من حيث عدد المصانع، وأيضًا كأعلى رؤوس أموال.
الأمر المستغرب هو التركز الصناعي الذي تظهره الأرقام في منطقتي الرياض ومكة المكرمة للمصانع تحت الإنشاء، حيث إن الرياض استحوذت على 344 مصنعًا جديدًا من إجمالي 677 مصنعًا في عام 2016، يليها منطقة مكة المكرمة التي احتوت على 91 مصنعًا.
ومن حيث رؤوس الأموال، فقد جاءت منطقة مكة المكرمة في الصدارة بقيمة 6.7 مليار ريال، يليها الرياض بنحو 6.4 مليار ريال.
وترى وحدة أبحاث «الجزيرة»، أن هذه التغيرات والنقلة من مصانع الشرقية إلى مصانع الرياض ومكة المكرمة تمثل بوادر نجاحًا كبيرًا لرؤية 2030 التي تسعى جاهدة لإخراج المملكة من بوتقة الاقتصاد النفطي أو المورد الأحفوري الأوحد منذ إطلاقها في أبريل 2016.
وإذا كانت أرقام عام 2016 توضح نقلة في التوجهات الصناعية السعودية من الصناعات النفطية أو المرتبطة بها، فإن تغيرات المدن تؤكد وجود تنافسية حقيقية بين النشاط النفطي والأنشطة الصناعية الأخرى.
وتؤكد التقارير، وجود منافسة بين خمس مدن سعودية حالية في النشاط الصناعي، وهي الرياض وجدة ورابغ والخرج وجازان، بعد فترة طويلة كانت مدن الجبيل والدمام والخبر وينبع تمثل صدارة النشاط الصناعي.
والتقارير لا تشير إلى تراجع الأنشطة الصناعية في هذه المدن الأخيرة، ولكنها تعطي دلالات قوية على نشاط حثيث في منطقتي الرياض ومكة المكرمة.
وما يبعث على التفاؤل بتحقيق رؤية 2030 نجاحات غير مسبوقة هو التطور في الأنشطة الصناعية غير المعدنية، حيث بدأت صناعة المواد الغذائية تنافس منافسة حقيقية لأنشطة المعادن والفلزات، حيث بلغت رؤوس الأموال للمصانع تحت الإنشاء نحو 2.8 مليار ريال، يليها صناعة المعادن المشكلة نحو 1.8 مليار ريال ونحو 1.5 مليار ريال لصناعة المطاط، وهي تطورات تدلل على خروج وشيك من نطاق الناعات النفطية أو الكيمياوية التي كانت تسيطر على الاقتصاد المحلي.