محمد المنيف
منذ أن أدرج الفن التشكيلي في مهرجان عكاظ في دورته الثانية وأعين التشكيليين تتابع كل خطواتها إلى أن بلغ عدد دورات المهرجان إحدى عشرة، تشكل كل دورة موعدًا يترقبه الأجيال الشابة من التشكيليين ممتلكي حب المنافسة والقدرة على مسايرة فكرة المهرجان بجديد إبداعهم، فكان للكثير منهم نصيبه من الجوائز.
وفي مهرجان هذا العام حدث تطوير وتجديد لحضور الفن التشكيلي الذي خرج من حدود صالة العرض إلى الجمهور بإبداع تفاعلي، سهّل على الجمهور الاطلاع عليه بشكل مباشر، والتعايش مع الفنانين خلال تنفيذ أعمالهم الفنية في الهواء الطلق.
المهم في الأمر أن سوق عكاظ ارتقى بقيمة هذا الفن وفنانيه على مختلف مستوياتهم، ومنح الفرص لكل أجياله عبر آلية مدروسة واختيارات تنم عن خبرة المعنيين في تنظيم المهرجان بشكل عام، بدءًا بتوجيهات اللجنة العليا وصولاً إلى من أوكل لهم الإشراف على هذا الجانب من فعاليات المهرجان؛ ليتوازى مع ما يقدم من فعاليات أخرى، تلتقي مع هذا الفن في رحم واحدة.
بهذا المستوى من الاختيار وتنوع البرامج والتنسيق في المكان والوقت والقدرات يمكن اعتبار مهرجان سوق عكاظ - وبما له من سمعة محلية وعربية وعالمية، تجاوز بها الرهان - أنه لن ينافس فقط المهرجانات الأخرى العربية وما بعدها بما يمتلكه المهرجان من مقومات النجاح وقيمة تاريخية تثير شجون كل عربي؛ فهو سوق شكَّله شعراء العرب، وتنافسوا فيه، فكيف لا يكون مهمًّا في هذا العصر الذي يعج بالمبدعين كما كان السوق في عصره.
وكيف لا ينجح ويتألق وينافس غيره من مثيلاته في جمع الإبداع مع اختلاف التوجه والاسم والمسمى؟ وكيف لا يتطور إذا علم الجميع أن من وراء نجاحه وتألقه أسماء مبدعة، تضع إبداعات أبناء الوطن في العين قبل العقل.
لم يعد سوق عكاظ ولم يكن كذلك منذ انطلاقته مكانًا للتسلية والترفيه بقدر ما يمثل مدرسة تجمع أصالة الماضي بحداثة الحاضر ممزوجة بالولاء والانتماء لهذا الوطن وقيادته.
لقد تشرفت بمتابعته، وتلقيت الكثير من أخبار خطوات التطوير لهذا السوق من زملاء وأصدقاء في هيئة السياحة قبل انطلاقة المهرجان.. وتشرفت بدعوة بالحضور، وسيكون لي معه حديث آخر.