للمسئولية الاجتماعية صُور كثيرة ومنها الفزعة التي هي جزء من تراثنا العربي الأصيل الذي نفتخر به وللفزعة تعاريف كثيرة لكنها جمعياً تجتمع تحت مظلّة النخوة والشهامة والمساعدة في حل مشاكل الآخرين وتقديم الدعم المالي والنفسي، والفزعة مقرونة بالشجاعة بكافة أشكالها وألوانها. هذا هو الجانب الإيجابي الحسن لكِن هناك جانبا سلبيا أو مسارا سلبيا بدأ يخرج على سطح التعاملات الاجتماعية ومن آثار ذلك الإضرار بالآخرين وتغليب المصالح الخاصة ومخالفة الأنظمة والفزعة الوهمية التي غزتْ وسائل التواصل الاجتماعي وهي بعيدة كل البعد عن الفزعة التي نفتخر بها.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ. رواه البخاري. وللفزعة صور كثيرة لعلي أذكر بعضاً منها: مساعدة المُقبِل على الزواج مادياً والحمد لله هذه فزعة مغروسة في ثنايا مجتمعنا، المساهمة في دفع الدِيه، مساعدة الجار للجار وهناك مثل شعبي: فلان ونعم حِطّه على يمناك. كذلك الفزعة في حوادث الطرق السريعة البعيدة عن الهلال الأحمر السعودي والفزعة في المساعدة في إنقاذ من الغرق بسبب السيول وهذه صور جميلة ومشرّفة. وصور الفزعة كثيرة أتركها لكم تغوصون في أعماقها.
ما يقلقني ويفزعني الأضرار التي تحدث للطرف الآخر بكل أنواعه من الفزعة السلبية التي تلحق الضرر وتبعد المسافات بين شرائح المجتمع، ومن صور تلك الفزعات القائمة على التعصّب والقبلية كذلك خرق الأنظمة والفزعات المزيفة التي تنتشر في «السيشل ميديا». والفزعة القائمة على القوة والتهديد والتي لا أساس لها فهي تقف على أرضٍ ترابية.
ثقافة الفزعة جميلة جداً والنبيَّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- يُشيرُ إلى نفعِ الناس أجمعين، وليس نفع المسلمين فقط. حيث يقول: ((خير النَّاسُ أنفعُهم للناس)). ثقافة الفزعة الإيجابية عامل مهم في التماسك الاجتماعي واللحمة الوطنية ودليل على الوعي وحب الخير، ثقافة الفزعة تصلح على الصعيد الاجتماعي لكنها لا تصلح على الصعيد الوظيفي الذي يضع الإنسان غير المناسب في المكان غير المناسب. لماذا نشوه ثقافة الفزعة بصور سلبية تهضم حق الآخرين وهل مجتمعنا يتسامح مع من يشوه الفزعة في السر والعلن.
«ابشر «و»ابشر بالفزعة نسمعها ونثني على لسان قائلها إذا كانت فزعة إيجابية إما إذا كانت فزعة سلبية نلومه ونأخذ على يده وما أكثر الفزعات السلبية التي تحرق أحياناً الأخضر واليابس. حقاً للفزعة عيون نرى بها ونفرق بها بين الصالح والطالح كفانا اندفاعاً وراء الفزعة التي لا تحمد عقباها وربما تصل بنا إلى النهاية نهاية الحياة. طق الصدر» تعني للناس الشيء الكثير، وكثيراً ما «طق» الإنسان صدره (وتوهق). من باب عدم الالتزام والتهرب من مواجهة الالتزام وربما التنفيذ المتهور.
وفي الختام افزعوا ولا تفزعوا على أكتاف الآخرين، فكثيراً ما تتدخل الفزعة بموجب موروثنا الثقافي في فتح الملفات لبعض المرضى أو حجز المواعيد على حساب من يستحق إنها الفزعة المقيتة التي تقتل فينا حب الخير السوي الصحيح والهروب في الاتجاه الخاطئ.