سمر المقرن
أصعب الشخصيات التي يُمكن أن تتعامل معها، هي من تعتقد أنك شخص سلبي وغير قادر على اتخاذ أي قرار دون أن يكون ناتجاً عن تأثير من حولك. هذه الشخصيات من الصعب التعامل معها إلا في حال خضعت للعلاج النفسي وتعافت من هذا المرض، أقول مرض، وأعني تماماً كلمة مرض، وأنا شخصياً هذه النوعية من الناس أقطع علاقتي بها مباشرة، لأنها صعبة في التعامل، فهي لا تستطيع اتخاذ قراراتها بمعزل عن الآخرين، وتنظر لغيرها من هذا المنظار الذي تعيشه وتمارسه. ومهما حاولت إقناعها بأنك اتخذت قرارك بناء على أسباب ومعطيات محددة فهي لن تقتنع وستظل تلقي باللوم على فلان وعلان وهم السبب الأول والأخير لاتخاذك القرار، وتعتقد أن تأثير الناس هو الذي يسيّرك في الحياة، لذا هذه النوعية من الشخصيات لا تستطيع رؤية عيوبها، وبالتالي لا تستطيع رؤية الأسباب الحقيقية التي جعلتك تتخذ هذا القرار، لأنها دائماً تضع نفسها بمعزل عن الأسباب، وأن السبب دائماً الآخرين.
هذه الشخصية أقرب وصف لها هو «النرجسية».. تأملتها كثيراً وأنا أتابع الإعلام القطري وخصوصاً برنامج اللطم اليومي على تلفزيون قطر والمسمى ببرنامج (الحقيقة) وهو عبارة عن برنامج يومي تبثه قناة قطر وتستضيف شخصيات إعلامية قطرية محدودة العدد نظراً لقلة عدد الإعلاميين القطريين، وكل يوم يرددون نفس الكلام منذ بداية الأزمة، لم يحاول أي أحد منهم أن يواجه النظام القطري بمشكلته الحقيقية التي أوصلت الدول الأربع للمقاطعة، بل هم كل يوم يعيدون ويكررون نفس الكلام الذي يعزز لنرجسية النظام القطري، وإلقاء اللوم تارة على حكومة أبو ظبي وتحجيم القضية الحقيقية بأن الحكومة السعودية مجرد تابع لها، وأحيانا يُقال العكس وهكذا على حد زعم العدد القليل من ضيوف البرنامج الذي لا يذكر الحقيقة ويخدع نفسه وحكومته بالتظليل ومحاولة جلب أسباب بعيدة كل البعد عن واقع الأزمة، والحقيقة هي أن صديقك من صدقك لا من صدقّك، لذا فهو برنامج خالي من أي شكل من أشكال الحقيقة على عكس عنوانه!
أعود إلى الشخصية النرجسية، وهي التي تتوقع أو تتخيل أنه يجب عليك الإذعان لقراراتها، من هنا لا يُمكن لها أن تتغير مهما حاولت تغييرها وإقناعها بوجهة نظرك، وهذا ما لمسناه بعد كل محاولات دول الخليج ومصر لإعادة قطر إلى رشدها، ومنحها الفرصة تلو الأخرى لهذا التغيير إلا أن النرجسية الحادة أوصلتها لأن ترتمي في أحضان تركيا وإيران بعيداً عن الأهل والجيران!