د. محمد عبدالله العوين
فجأة بعد إعلان الدول الأربع مقاطعة قطر ومطالبتها بتنفيذ مقررات اتفاق الرياض 2013م وآلية الاتفاق التكميلي 2014م اللذين وقع عليهما أمير قطر تميم بن حمد بحضور أعضاء مجلس التعاون طارت تصريحات وزراء خارجية أوروبا وأمريكا القلقة من توتر منطقة الخليج بسبب المقاطعة، وشد عدد منهم الرحال إلى منطقة الخليج حاملين معهم مناشدة حارة لقيادات الدول الأربع بعدم التسرع في تطبيق ما أسموه «حصارا» على قطر وداعين إلى «تخفيف التوتر» و»تخفيف حدة الحصار» ولا بد أن يحافظ الخليجيون على «وحدتهم»!
بدأ هذا الموال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون في جولة مكوكية لم يستطع أن يصل منها إلى شيء واضح سوى اجتماعات مغلقة مع الجانب القطري وأمنيات بتهدئة التوتر وامتصاص حالة الغضب الخليجية، ثم أدلى وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريال بتصريحات غريبة جدا في أثناء لقائه وزير الخارجية القطري في مؤتمر دولي ببروكسل؛ حيث قال: «خلافات الخليج تقلقنا»! ولا ندري متى كانت ألمانيا تشعر بقلق كبير من اختلاف بين دول خليجية قد يحل بينهم بطريقة أو بأخرى؛ لكنها لم تشعر أبدًا بوطأة الاحتلال الأمريكي للعراق 2003م ولا بتسليم العراق لإيران، ولا بتكوين الجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش في العراق وسوريا واليمن وليبيا وسيناء، ولا بتدمير سوريا من قبل نظام بشار أو تدمير المدن السنية وقتل وتهجير أهلها وفق تحول ديموغرافي يدخل في باب التطهير الطائفي العرقي من قبل الحشد الشعبي المجرم!
لا؛ بل لم يكتف الوزير الألماني بحالة القلق الطارئة التي تلبسته فجأة وأعلن أن قطر شريكاً رسمياً لألمانيا في مكافحة الإرهاب! فلننظر كيف قلب الوزير الألماني المعادلة فتحولت قطر من مدانة بالإرهاب وفق الأدلة الدامغة التي قدمتها الدول الأربع إلى مناهضة للإرهاب، ونتيجة لهذا النشاط الدبلوماسي الألماني الطارئ والمستغرب الذي وصل لأول مرة إلى منطقة الخليج خلعت قطر ثيابها ولم تبق حتى ورقة التوت وسلمت أسرارها الاستخباراتية وأوراقها الخاصة إلى ألمانيا تعبث فيها وتختار منها ما تشاء كوكيل في الدفاع عنها أمام العالم!
أما الولايات المتحدة التي تبدو منشقة على بعضها في القضية القطرية بين موقفين متنازعين من الرئيس ترامب الذي يدين الإرهاب القطري وينادي بضرورة تجفيف منابعه من الدوحة ووزير خارجيته ريكس تيلرسون الداعي إلى تخفيف المطالب لتكون معقولة كما يزعم فلم تدع الأوروبيين وحدهم يناضلون دبلوماسيًا في الدفاع عن أحد المنفذين المخلصين لخطة تفتيت المنطقة!
أمريكا لم تطق صبرا أمام عزم وحزم الدول الأربع في معالجة خيانة قطر وضرورة إعادتها إلى جادة الصواب؛ فطار وزيرها في جولة مفعمة بمقدرة فائقة على التلاعب بالكلمات، راميا تصريحا لطيفا مؤيدا الدول الأربع هنا وتصريحا آخر يكاد يناقضه هناك، وتيلرسون بين التواري والانكشاف يمنح جرعات مسكنة للداء على أمل أن تجد أمريكا له دواء!
وسيصل اليوم إلى المنطقة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبحث سبل حل كفيلة بإنهاء أزمة قطر، داعيا إلى ضبط النفس!
ولنا أن نتساءل مع هذا الجهد الدبلوماسي الأوروبي والأمريكي المحموم: ما دوافعه؟ وإلى ماذا يهدف؟ ومن طلب منهم وساطة لحل أزمة خليجية خليجية؟!
أليست المطالب الثلاثة عشر التي ليست وليدة اليوم؛ بل منذ 2013م إعلانا صريحا من دول المجلس بضرورة تجفيف منابع الإرهاب في قطر وترحيل الإرهابيين من الدوحة وكف يد قطر عن مد الجماعات الإرهابية وقطع خطاب التثوير والفوضى والكراهية المتدفق عبر قناة الجزيرة؟! وإذا كانت أوروبا وأمريكا تسعى -كما تزعم- إلى محاربة الإرهاب فلم ينادي وزراء خارجيتها إلى الرفق بقطر وتخفيف الضغط عليها؛ بل والوقوف معها -كما هو شأن وزير خارجية ألمانيا- وعدم إنكار استقدام قوات أجنبية من تركيا وإيران وحزب الله!
الخلاصة: قطر مكلفة من مؤسسي «الفوضى الخلاقة» بأداء أدوار قذرة في تنفيذ المخطط، وحين حل أوان حزم وعزم الدول الأربع ببتر يد قطر الخائنة فزع لها أسيادها!