فهد بن جليد
الاعتراف بحدوث الخطأ -حال ارتكابه- من العاملين في المؤسسات الكبيرة، وذات السمعة الحساسة اقتصادياً أو تجارياً، أمر يزيد ثقة الجمهور والمُتعاملين مع هذه المنشآت، أكثر بكثير مما قد يُمارسه بعض المُديرين ومسؤولي العلاقات العامة في الشركات والمؤسسات من محاولات نفي صحة أخبار وشكاوى الجماهير دائماً، خصوصاً عندما يغيب مفهوم المُكاشفة والشفافية عن مثل هذه الإدارات، وهو خلاف ما تنتهجه المؤسسات الناجحة عالمياً، فالاعتراف بوقوع الخطأ مهما كان مؤلماً مع التعهد بمُعالجته وعدم تكراره، أفضل بكثير من محاولات النفي والتبرير المتواصلة والمُتكررة، مما يعني تفاقم المُشكلة وزيادة الخسائر تحت بند الحفاظ على سُمعة المُنظمة، الذي ينتج عنه عادة نتائج عكسية غير متوقعة.
لنأخذ مثالاً بمسألة فقدان أمتعة وأغراض المُسافرين في المطارات العالمية، وكيف يتم التعامل معها بشكل مُختلف من مطار إلى آخر، بعيداً عن الإجراءات الروتينية والتأمين المتعارف عليه حال حدوث أخطاء في الشحن أو التحميل أو الوزن أو عدم كتابة المُسافر للعنوان بشكل واضح، فهناك مطارات عربية ألقت اللوم على المُسافر (الضحية) الذي يترك هاتفه الجوال أو جهاز اللاب توب أو المجوهرات الثمينة في حقيبة الشحن مما قد يعرضها للسرقة أو التلف، مُطالبة المُسافرين بحمل أغراضهم الثمينة في اليد أو تسليمها لملاحي الخطوط لإعادتها إليهم عند محطة الوصول، مطارات أخرى تنفي بتاتاً ودوماً وقوع مثل هذه الأخطاء جُملة وتفصيلاً، مُتجاهلة كثرة الشكاوى وتذمر المُسافرين، مطارات ثالثة ترى أن وجود كاميرات مُراقبة كافية ضمانة لعدم وقوع مثل هذه الأخطاء، وهكذا تختلف بقية المطارات في التعامل مع القضية.
من الأخبار اللافتة هذا الأسبوع، أنَّ شرطة مطار البحرين الدولي أعلنت تمكُنها من القبض على عاملين بالمطار من جنسية آسيوية، إثر الاشتباه في قيامهما بفتح أمتعة المسافرين وسرقة المُقتنيات منها، وذلك عند تحميلهما للحقائب على متن الطائرات، نشر مثل هذه الأخبار من شرطة المطار -برأيي- أنَّه شجاعة بحد ذاته، ونموذج له تأثير إيجابي على المُسافرين بتأكيد زيادة ثقتهم في المطار وإجراءاته -أكثر بكثير- لو أنَّ إدارة المطارات نفت حدوث مثل هذه الواقعة، وتجاهلت شكاوى وتذمر المُسافرين من السرقة وفقدان الأمتعة، تبعاً لمقولة (سمعة المؤسسة) أولاً.
العاملون في كل مكان هم بشر في نهاية المطاف بمُختلف درجاتهم الوظيفية, فالاعتراف بوقوع الخطأ من أحدهم مع الشفافية والصدق هو الخيار الموفق دائماً، لعلاج أي مُشكلة تقع بين الجمهور والمؤسسات الخدمية التي تتعرض لمواقف مُشابهة.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،