سامى اليوسف
يُسيء بعض الناشطين استعمال منصات التواصل الاجتماعي -بقصد أو من دون قصد- عن طريق حساباتهم أو مجاميعهم، ويتجاوز الخطوط الحمراء للأخلاق والنظام ويقع في المحظور حيث اكتمال أركان الجريمة المعلوماتية من الإساءة وانتهاك الخصوصية والتشهير بالآخرين، وربما امتد الأمر إلى جمع تبرعات بطريقة غير قانونية.
قد يكون الجهل أو التسرع أو قلة الوعي سببًا رئيسًا، فتتحول الحسابات أو المجاميع إلى مسرح لجريمة تجر أصحابها أو أعضاءها إلى طريق الندامة. وهذا يمثل الوجه القبيح في التعامل مع هذه المنصات للأسف.
في مدونة «تويتر»، يحدث أن يلجأ بعض المغردين المرتبطين بالمحيط الرياضي أو الوسط الإعلامي إلى لفت الأنظار طمعًا بالثواب والأجر حينًا، أو طلبًا لمزيد من المتابعين حينًا آخر بإثارة معاناة رياضي سابق أيًا كانت صفته، أو زميل إعلامي من خلال نشر تفاصيل أزمته الصحية أو المادية ويفعل ذلك من باب «الفزعة» مشكورًا، لكن لا يعلم أنه يقع تحت طائلة المسؤولية خاصة أن بادر من نفسه إلى نشر وثائق أو صور أو مقاطع فيديو دون أخذ موافقة المعني بالأمر أو قرابته المسؤولين عن حالته.
وإن تلمسنا حسن النوايا في المسألة فإننا لن نقبل أسلوب المبادرة وطريقها الذي يجسد انتهاكًا صارخًا للخصوصية ومثالاً للتشهير بالرياضي أو الإعلامي المحتاج فعلاً، وخصوصًا أن هذا التشهير سيظل ملازمًا لصاحب الشأن وأسرته ربما طيلة حياته في مجال عمله بما يشبه الفضيحة.
في رمضان الفائت، على سبيل المثال، تصدى أحد الحسابات التويترية لمعاناة إعلامي سُجن بسبب قضية ديون متراكمة، وتم تداول «هاشتاغ» بهذا الشأن باسمه صريحًا تطرق إلى تفاصيل مسيئة للزميل في هذه القضية لم يكن لنشرها مبررًا أخلاقيًا في منصات التواصل الاجتماعي، بل إن التوجه السائد كان يذهب إلى جمع تبرعات للوقوف معه، وهنا أتساءل: ألا يوجد طريقة تحفظ للزميل ماء وجهه، وتفك أزمته غير نشر قضيته في «تويتر» بهذا الأسلوب الفضائحي له ولأسرته، ألم يكن من الأجدى لمن تصدى لحل قضيته أن يتجه للموسرين والمنفقين من أصحاب الجود والأيادي البيضاء مباشرة دون المرور عبر «تويتر» للتباهي أو البحث عن «فلورز»؟!
يقول الباحث في الأنظمة الجزائية والرياضية عبدالله الشايع: «يجب أن نعلم في بداية الأمر أن الدعوة لجمع التبرعات مجرم نظامًا، وزارة الداخلية تشدد وتمنع في مسائل الدعوة لجمع التبرعات سواء كانت مادية أو عينية أو تلقيها، ولا يمكن أن يتم ذلك بشكل نظامي إلا عن طريق الجمعيات الخيرية المرخص لها فقط، ولا يحق لأي جهة أو شخص طبيعي أو اعتباري خلاف الجهات المرخص لها أن يجمع تلك التبرعات.. أما الدعوة أو المطالبة لعلاج شخص دون التبرع المادي أو العيني من باب إيصال الصوت للجهة المعنية فلا أرى فيه مانعًا قانونيًا إذا كان خاليًا من التشهير أو الاتهام بالتقصير. أما مسألة الدعوة لمساعدة شخص أو التبرع له دون علمه فإنها قد تندرج ضمن الجرائم المعلوماتية المنصوص عليها بالمادة رقم 3 الفقرة رقم4 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية باعتبار هذا التصرف مما يمس حرمة الحياة الخاصة خصوصًا إذا اشتمل ذلك على نشر صور أو مقاطع فيديو لا يرغب أحدهم باطلاع الناس عليها».
وفي أزمة العلاقات بين الدول - كما في الظروف الراهنة - قد يتم إساءة استخدام كل مقطع فيديو، أو تغريدة بانتهازية لتحقيق أهداف من نختلف معهم لإبراز جوانب حياتية كحالة خاصة لبعض المواطنين على أنها حالة عامة للسواد الأعظم من المجتمع، وبالتالي الإساءة للوطن.
ختامًا، أعتقد أن المشكلة تحتاج إلى المزيد من التوعية والتثقيف عن طريق حسابات رسمية موثقة في منصات التواصل الاجتماعي تُعنى بهذا الشأن، قبل التعامل رسميًا وبحزم مع المخالفين أو المسيئين سواءً عن قصد أو من دون قصد.