د. محمد عبدالله الخازم
أسس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) ليكون المرجع الأول عالمياً في مكافحة الفكر المتطرف ورسالته «التعاون مع الحكومات في رصد وتحليل الفكر المتطرف والتصدي له ومواجهته» والأكيد أنه فكرة جميلة ودعمه وتبنيه من المملكة يؤكد رغبتها وعزمها على محاربة الفكر المتطرف وما قد يقود إليه من إرهاب. هذا مبادرة نتفق على أهميتها ونشيد بها، بل يشيد بها العالم الطامح للسلم والتنمية بعيداً عن التطرف والإرهاب والتخريب.
تهمني هذه المقدمة حتى لا يأتي من يفسر مقالي بغير ما أرمي إليه، فالهدف هنا ليس مناقشة الفكرة أو المبدأ ولكن الحرص على التطبيق الجيد والظهور بمظهر يليق بأهمية المبادرة. هذا أمر طبيعي، نقد الأداء أو الطريقة أو تقديم المقترحات لا يهدم أو ينفي نبل الغاية وسلامتها.
وفق الرسالة فمهمة المركز رصد وتحليل الفكر المتطرف ومع تقديري لسعادة أمين المركز، يبدو أنه لم يستوعب هذه الرسالة في البداية، فكان له تصريحات باتهام الإخوان والسروريين والإمعان في توصيفهم سلبياً. استبدلوا الأخوان أو السرورين بما شئتم فهم ليسوا موضوعي، إلا لمن لا يجيد القراءة واستيعاب الفكرة المطروحة. موضوعي هو فكرة الاعتدال والالتزام برسالة المركز التي وضعها مؤسسوه. رسالة المركز تشير إلى طرقه العلمية في الرصد والتحليل أولاً، فهل تم الرصد والتحليل بهذه السرعة لفكر تلك الجماعات؟ لا أحد يجيبني بأن الفكر واضح وسياساتنا واضحة، فليست مهمة مسؤول المركز وهو مسؤول عن مركز دولي ذي صبغة علمية وفق ما ورد في رسالته أن يدافع عن إجراءات سياسية معينة أو أن يعبر عن رأي مسبق أو رأيه الشخصي طالما هو يحتل منصب مسؤول مركز اعتدال.
يجب أن يبدأ المركز بمهنية علمية حيادية عالية، باعتبار أهم أدواته هي الدراسات العلمية والرصد العلمي المعتدل حتى يكون مصدر ثقة واهتمام عالمي. ولتحقيق هذه الغاية، فإنه يحتاج ضمن هيكلته إقرار مجلس إدارة متميز، يعمل على وضع الخطوط العريضة لإستراتيجياته، ويحتاج لجنة علمية دائمة أو استشارية تعمل كذراع يسهم في تأصيل دراسات وتقارير وأعمال المركز. لتعمل أمانة المجلس كإدارة تنفيذية لما يضعه مجلس الإدارة من خطط ولما توصي به اللجنة العلمية من دراسات ووسائل لتحقيق أهداف المركز. وبحكم أنه مركز عالمي فلا بأس أن يكون من ضمن الأعضاء شخصيات دولية ذات علاقة بمجالات المركز. المركز، يفترض أن تكون مهمته أشبه بمهمة (الثينك تانك) أو مراكز الدراسات الداعمة لصانع القرار بما ترصده وتحلله بعيداً عن الانسياق خلف البروز الإعلامي في أي حدث يجلب الضوء. ليست مهمة المركز اتخاذ مواقف سياسية منحازة أو متطرفة وحادة، حتى ولو كانت ضد الأعداء قبل أن يدرس ويحلل ويستنتج... هذه الهوية التي أرى رسمها للمركز ولم تغب عن ذهن القائمين على تأسيسه.
تمنياتي للمركز وللقائمين عليه بالتوفيق، وليعذرونا على هذه (الفرصة) المبكرة في عمر المركز، فهي مجرد حوار مبكر يعزز الخطوة الإيجابية الأولى ضمن خطوات الألف ميل التي نرجوها مستقبلاً ناجحاً وموفقاً لهذا المركز وفكرته الجميلة.