إبراهيم عبدالله العمار
من مبادئي إذا أردتُ اختيار ملابس رياضية أن أتجنب أي قميص أو بنطال يحوي شعارات الشركة المصنعة.. بل لدي رأي أشد من هذا: أرى أنه يجب أن يدفعوا لي مالاً لو أنني ارتديتُ مثل هذه الملابس.
إنك إذا لبست شيئاً عليه شعار شركة فأنت صرت دعاية متحركة لهم، ولو رآك رئيس الشركة أو مدير التسويق فسيَطرب لمنظرك، فأنت تروج لهم بلا توقف وأنت تلبس هذه الملابس في الأماكن العامة.
لماذا نفعل ذلك؟ نجحت هذه الشركات في ترويج مبدأ «الانتماء»، فتشعر أنك تنتمي لمجموعة معينة، والانتماء دائماً شعور جميل ولا شك، لكن هنا استُخدِم ليمتص مالك ويستغلك في ترويج منتجهم، وهذه الشركات لا تحتاج ذلك فهي لديها ميزانيات وإيرادات خرافية، وخذ هذه الأمثلة: في سنة 2015م سجّلت شركة بـ... الرياضية دخلاً إجمالياً قدره أكثر من 13 مليار ريال (مليار وليس مليون!). دخلُ شركة أ..... لنفس السنة أكثر 67 مليار ريال!! وماذا تتخيل دخل شركة نـ...؟ 112 مليار!! ميزانية دولة! كل هذا في سنة واحدة فقط.
أحد أسباب رغبة المراهقين والشباب في لبس العلامات التجارية الشهيرة هو حب الانتماء. البشر مفطورون على الاجتماعية وحب الانتماء إلى جماعة أو فريق، سواءً قائم على العِرق أو الدين أو مبدأ سياسي أو حتى ناد رياضي، لكن يخطئ البعض فيحوّل هذا الشعور إلى ولاء لشركات تجارية تنظر إليك كمصدر للربح ولا أكثر، ولا تكترث بأي شيء عنك إلا أنك تدفع لهم. إنها ليست مثل انتمائك لأمتك الإسلامية مثلاً، حيث يحبك الله والمسلمون لأعمالك الصالحة ولا يقيّمونك بوضعك المادي.. ليس كالانتماء إلى مجتمع قائم على الخبرة أو المهارة -طب، رسم، ثقافة، محاماة، هندسة، إلخ-، حيث زملاؤك يحترمون إنجازاتك وخبراتك؛ لا، هذا الانتماء قائم على مبدأ واحد: أنت محفظة، وإذا لم تستطع أن تنفعهم مادياً فأنت لا شيء بالنسبة لهم.
إنهم يدفعون عشرات الملايين كل سنة على حملات دعائية، لكن ربما أفضل حملة دعائية على الإطلاق هي تلك التي لا تكلفهم شيئاً: أنت!.