سعد السعود
نسمع كثيرًا في رياضتنا هذه الكلمة (ابن النادي).. ويطلقها بعض النقاد والمتابعين على اللاعب الذي تدرج في النادي حتى وصل للفريق الأول، وبات نجمًا فيه.. في حين يرسل البعض معناها تجاه من قضى بين جدران ناديه سنوات، وأسهم معه بالبطولات، حتى لو لم يكن تدرج فيه بالبدايات.. لكن السؤال: هل لهذه المقولة محل إعراب في عالم الاحتراف؟! والأهم هل لها لدينا متنفس أو أمثلة تستحق الإنصاف؟!
في عام 2012 ظهرت مشاكل فريق بارما الإيطالي على السطح، وبدأ النادي يعاني من الديون.. وعبثًا حاول بكل السبل الوقوف على قدميه، لكن لم يقوَ على ذلك.. ومع بداية عام 2015 كان (لوكاريلي) قائد الفريق هو شعلة الأمل لجماهير بارما.. فكان يحث اللاعبين على المواصلة داخل النادي رغم غياب الرواتب وتخمة الديون وتعقُّد الأمور مع مرور الوقت.. بل إنه كان يدعو اللاعبين للمجيء إلى التدريبات والانتقال إلى الملاعب بسياراتهم الخاصة.. بعدما باع النادي حافلة الفريق بسبب محاصرة الديون.. ليكتب القائد عبارته الشهيرة عندما أعلن إفلاس النادي منتصف الموسم، وهبط للدرجة الرابعة: (آسف لأنني لم أستطع الفوز بالمعركة).
ومع كل هذا الألم، وبعدما هبط الفريق، عندها فسخ كل النجوم عقودهم عداه؛ إذ بقي (لوكاريلي) يقاتل في فريقه رغم ما عاناه.. ليخرج بتصريح هو أشبه بدرس في الولاء، وتعريف حقيقي لـ(ابن النادي).. عندما قال: (لو كان الموت مصيري أنا وبارما فسنموت سوية).. ليكون هو الربان لسفينة بارما في الدرجة الرابعة حتى لا تغرق أكثر.. ويقود بنفسه حملة الفريق الشهير للعمل على العودة لمكانه الطبيعي على شاطئ الكبار.
هذا من يمكن أن يطلق عليه (ابن النادي) الحقيقي.. أما ما لدينا فهي مجرد شعارات.. ما تلبث أن تتبخر عندما يحضر دفتر الشيكات.. بدليل ما حدث من هذا النجم الذي انتشله ناديه من العدم، وعمل عليه ليصبح نجمًا.. لينسى كل ذلك في نهاية عقده رغم معلقاته بالصعود للمدرج، وينتقل.. وهذا الآخر يساوم ناديه في الشهور الأخيرة من عقده رغم تعدد الاجتماعات وكثرة الوعود.. وعندما يقبض المقدم من فريقه الذي تعب حتى يجدد له إذا به يخرج في لقاء ليتفاخر: (أنا ابن النادي).. وكأن المفاوضات المليونية كانت مجرد مزحة صبيانية.
وثالث في كل موسم هو كالصداع.. سنوات وهو يطالب بالانتقال.. تعددت الإدارات.. وسلوك اللاعب واحد.. واختلفت الأندية الراغبة فيه.. وهو للانتقال راغب.. ليخرج أخيرًا من الباب الضيق.. ليكتب رسالة حزينة (مكسورة) محاولة لذر الرماد في العيون.. وكأني به نسي أو ظن أننا نسينا حواراته في الندم على البقاء.. وتمرداته في أكثر من لقاء.. وذاك رابع احتضنه فريقه الكبير عندما قدم من نادٍ صغير.. وقدم له الكثير والكثير.. لكنه استكثر على ناديه حتى الاستفادة من الانتقال، ورحل للغريم كهاوٍ!
أخيرًا.. أنا لست مع أو ضد.. فبعض اللاعبين لا يلام، لكن هنالك من باع على ناديه الأوهام.. وهنا مربط الفرس، وما يجب أن يدق عليه الجرس؛ لذا باختصار ما أريد قوله: إن لفظة (ابن النادي) ليست سوى نغمة يسمع لها المشجع عندما يسترخي اللاعب.. لكن متى استفاق اللاعب، وفكر بمصلحته دون غيره، والتفت للغة المال دون سواها.. فسيبيع العيش والملح، ويشتري الراتب الأعلى.. فالريال هو من يحكمه بالبقاء من عدمه.. ولن أقول الاحتراف؛ فما زلنا نحتاج لسنين ضوئية حتى نعي ما هو.. ونعمل بمقتضاه.. ويكون فعلاً هو الفاصل في العلاقة التعاقدية بين اللاعب وناديه.. وحتى ذلك الوقت أرجو ألا (تصدعوا) رؤوسنا بحكاية (ابن النادي).
آخر سطر:
إذا حضر (الكاش).. ينتهي النقاش.